للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شطره} وكل ما خصصه الشارع من هذا العموم فهو على الرأس والعين، وليس لغيره جواز التخصيص بأن يستثنى بعقله ما ورد في الشرع عاما. ولقد أنصف في هذه المسألة شيخهم المقداد في كنز العرفان وحكم بمخالفة هذا الحكم للقرآن واعترف به. (١)

وأيضا يقولون: إن المصلي لو قام في مكان وكانت فيه نجاسة يابسة من براز الإنسان لا تلتصق ليبسها ببدنه وثوبه في السجود والقعود إن لاقته جازت الصلاة، (٢) مع أن وجوب طهارة مكان الصلاة ضروري الثبوت في جميع الشرائع.

وأيضا يقولون: لو أن أحدا غمس قدميه إلى الركبة ويديه إلى المرفقين في صهاريج بيت الخلاء الممتلئة بعذرة الإنسان وبوله ثم أزال عين ما التصق عن بدنه المذكور بالفرك والدلك بعد اليبس بلا غسل وصلى تصح صلاته. وكذلك إن غمس جميع بدنه في بالوعة مملوءة بالبول والعذرة وليس على بدنه جرم النجاسة يجوز الصلاة بلا غسل، (٣) مع أن التطهير في هذه الحالات من غير غسل وبزوال العين لا يتحقق به زوال الآثر.

وأيضا يقولون: لو وجد المصلي بعد الفراغ من الصلاة في ثوبه براز الإنسان أو الكلب أو الهرة اليابس أو المني أو الدم صحت صلاته ولا يجب عليه إعادتها كما ذكره الطوسي في

التهذيب وغيره، (٤) مع أن طهارة الثوب من شرائط الصلاة والجهل والنسيان في الحكم الوضعي ليس بعذر.

وأيضا يقولون: إن كان رجلا عاريا وطين ذكره وخصيتيه بطين قليل من غير ضرورة وصلى صحت صلاته، (٥) مع أن ستر العورة واجب على القادر شرعا ولا سيما في حال الصلاة. ولهذا خالف جماعة من الإمامية جمهورهم في هذه المسألة مستدلين بالآثار المروية عن أهل البيت على بطلانه. (٦)

وأيضا يقولون: إن لطخ رجل لحيته وشاربه وبدنه وثوبه بذرق الدجاج أو أصاب لحيته وشاربه أو وجهه أو خده قطرات من بوله بعد ما استبرأ ثلاث مرات تصح صلاته بلا غسل. (٧)


(١) قال ابن المطهر الحلي: «وأوجب ابن أبي عقيل الاستقبال في النافلة كالفريضة إلا في موضعين: حال الحرب والمسافر يصلي أينما توجهت به راحلته ... » وروى آثارا عن الأئمة تؤيد ذلك، ولم يرد على المرويات وأدلة ابن أبي عقيل إلا بفلسفة حيث قال: «والجواب أن الاشتراك في المقتضي يستلزم الاشتراك في الاقتضاء، وقد بينا اشتراك العلة وهي الضرورة». مختلف الشيعة: ٢/ ٧٤.
(٢) قال الطوسي: «إذا كان موضع سجوده طاهرا صحت صلاته، وإن كان موضع قدميه وجميع مصلاه نجسا إذا كانت النجاسة يابسة لا تتعدى إلى ثيابه وبدنه». الخلاف: ١/ ١٧٦.
(٣) قال المرتضى: «ويجوز أن يصلي المصلي وعين النجاسة على بدنه». الانتصار: ص
(٤) روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: «سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال: إن كان لم يعلم فلا يعيد». تهذيب الأحكام: ٢/ ٣٥٩، وأخرجها الكليني، الكافي: ٣/ ٤٠٤؛ العاملي، وسائل الشيعة: ٣/ ٤٧٥.
(٥) ابن إدريس، السرائر: ١/ ٢٥٢.
(٦) روي عن علي بن جعفر عن موسى الكاظم أنه قال: «سألته عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله أيصلي عريانا؟ فقال: إن وجد ماء غسله وإن لم يجد ماء صلى فيه ولم يصلِ عريانا؛ ولأن طهارة الثوب شرط وستر العورة شرط أيضا فيتخير». ابن بابويه، من لا يحضره الفقيه: ١/ ٢٤٨؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: ٢/ ٢٢٤.
(٧) يروي الإمامية أن الطهارة للصلاة غير مهمة عن أئمة أهل البيت الطاهرين، فقد أخرج الطوسي عن زرارة قال: «قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - إن قلنسوتي وقعت في البول فأخذتها فوضعتها على رأسي ثم صليت؟ فقال: لا بأس». تهذيب الأحكام: ٢/ ٣٥٧. وقال ابن بابويه: «ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه، وذلك لأن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده». من لا يحضره الفقيه: ١/ ٧٣.