للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليس. بل ثبت أن أخاه متمم بن نويرة (١)

اعترف بارتداده في حضور عمر مع عشقه له ومحبته فيه محبة تضرب بها الأمثال، وفيه قال:

وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصعدها

فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (٢)

ثم إن عمر ندم على ما كان من إنكاره زمن الصديق. (٣) والله ولي التوفيق.

ومنها أنه تخلف عن جيش اسامة المجهز للروم مع أنه - صلى الله عليه وسلم - أكد غاية التأكيد عليه حتى قال: جهزوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف. (٤)

وجوابه: إن كان الطعن (٥) من جهة عدم التجهيز فهذا افتراء صريح لأنه جهز وهيأ. وإن كان من جهة التخلف (٦) فله عدة أجوبة:

الأول أن الرئيس إذا ندب رجلا مع جيش ثم أمره بخدمة من خدمات حضوره فقد استثناه وعزله. (٧) والصديق لأمره بالصلاة كذلك، فالذهاب إما ترك الأمر أو ترك الأهم وهو محافظة المدينة المنورة من الأعراب.

الثاني أن الصديق قد انقلب له المنصب بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان من آحاد المؤمنين فصار خليفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فانقلبت في حقه الأحكام، ألا ترى كيف انقلبت أحكام الصبي إذا بلغ والمجنون إذا افاق والمسافر إذا أقام والمقيم إذا سافر، إلى غير ذلك. والنبي - صلى الله عليه وسلم - لو عاش لما ذهب في جيش أسامة، فالخليفة لكونه قائما مقامه يكون كذلك.

الثالث أن الأمر عند الشيعة ليس مختصا بالوجوب كما نص عليه المرتضى في (الدرر والغرر) فلا ضرر في المخالفة. (٨) وجملة "لعن الله من تخلف" مكذوبة لم تثبت في كتب السنة. (٩)

الرابع أن مخالفة آدم ويونس لحكم الله تعالى بلا واسطة قد ثبت عند الشيعة، فالإمام لو خالف أمرا واحدا لاضير، فتدبر.

ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أبا بكر قط أمرا مما يتعلق بالدين فلم يكن حريا بالإمامة.

الجواب أن هذا كذب محض تشهد على ذلك السير والتورايخ. فقد ثبت تأميره


(١) أسلم هو وأخوه وكان حسن الإسلام وله شعر في مراثي أخيه. الاستيعاب: ٤/ ١٤٥٥؛ الإصابة: ٥/ ٧٦٣ ..
(٢) الأغاني: ١٥/ ٢٩٩.
(٣) لأن عمر تاثر أولا بمبالغات أبي قتادة ثم استوعب الحقيقة فندم على ما كان من تعجله.
(٤) ليست العبارة الآخيرة في كتب أهل السنة رغم دعاوى الإمامية، ينظر ابن حيوان، دعائم الإسلام: ١/ ٤٠؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٢٧/ ٣٢٤. والحلي، نهج الحق: ص ٢٦٣.
(٥) يتصور الشيعة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أمره ربه بقوله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} إنما بعث جيش أسامة ليهيء الأجواء لاستخلاف علي.
(٦) لو كان اللعن عاما على من تخلف فهو على علي والنساء والأطفال ولا يخفى فساد هذا.
(٧) لم يكن أبو بكر من الجيش بل أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة بالمسلمين، ولو فرض جدلا فهذا لن يمنع من الإمامة فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يغزو ويترك المدينة وأصحابه.
(٨) قال: «إن مجرد أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - لا يقتضي الوجوب». الأمالي: ١/ ٥٥
(٩) بل ليس لها أصل حتى في كتب الشيعة.