للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان معللا بعلة نص الشارع يرتفع ذلك الحكم إذا زالت العلة» (١) وأعترف عمر بكونها بدعة حيث قال «نعمت البدعة هي» فمراده أن المواظبة عليها بالجماعة شيء حديث لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما ثبت في زمن الخلفاء الراشدين والأئمة المطهرين مما لم يكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمى بدعة، ولو سميت بدعة فهي حسنة، والحديث مخصوص بإحداث ما لم يكن له أصل في الشرع. (٢)

ومعلوم أن الشيعة لم يعتقدوا بدعية صلاة الشكر يوم قتل عمر - رضي الله عنه -، وهو اليوم التاسع من ربيع الأول، وتعظيم النيروز، (٣) وتحليل فروج الجواري، وحرمان بعض الأولاد من بعض التركة، (٤) إلى غير ذلك من الأمور التي لم تكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم - بناء على زعمهم أن الأئمة أحدثوها. أما أن لا يعتقد أهل السنة بدعية ما أحدثه عمر فلأنه عندهم كالأئمة عند الشيعة لقوله - صلى الله عليه وسلم - «ومن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ» والله سبحانه الهادي.

ومنها أن عمر منع من متعة النساء ومتعة الحج، مع أن كلتا المتعتين كانتا في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، فنسخ حكم الله تعالى وحرم ما أحله سبحانه، بدليل ما ثبت عند أهل السنة من قوله «متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانا أنهى عنهما». (٥)

والجواب أن أصح الكتب عند أهل السنة الصحاح الست، وأصحها البخاري ومسلم، وقد روى مسلم في صحيحه عن سلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني أنه - صلى الله عليه وسلم - قد حرم


(١) الآمدي، الإحكام: ٣/ ٢٥٦؛ الرازي، المحصول: ٣/ ٥٣٨. ومن كتب الإمامية: أوثق المسائل: ص ١٤٨؛ مفاتيح الأصول: ص ٣١٤.
(٢) ينظر ما قاله ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم
(٣) عيد مجوسي ليس في شيء من دين الإسلام
(٤) تقدم تقرير هذه المسائل
(٥) الحديث أخرجه أحمد عن جابر قال: «متعتان ينفذ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهانا عنهما عمر - رضي الله عنه - فانتهينا». المسند: ٣/ ٣٢٥، رقم ١٤٥١٩؛ الطحاوي، شرح معاني الآثار: ٢/ ١٤٦.