للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{ثم أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين}. (١)

ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: كما أمرنا الله تعالى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلا بل تتنافسون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون إلى مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض» (٢) فإن هذا صريح في وقوع التنافس والتدابر والتباغض فيما بين الصحابة.

والجواب أن الخطاب وإن كان للصحابة لكن باعتبار وقوع ذلك فيما بينهم وهو لا يستدعي أن يكون منهم. ويدل على ذلك أن الصحابة إما مهاجرون أو أنصار، والحديث صريح في أن أولئك الفرقة ليسوا مهاجرين، والواقع ينفي كونهم من الأنصار لأنهم ما حملوا المهاجرين على التحارب. فتعين أنهم من التابعين، وقد وقع ذلك منهم، فإنهم حملوا المهاجرين على التحارب بينهم كمالك الأشتر وأضرابه، ولا كلام لنا فيهم.

ومنها أن الصحابة قد آذوا عليا وحاربوه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - «من آذى عليا فقد آذاني». (٣)

والجواب أن تلك المحاربات كانت لأمور اجتهادية فلا يلحقهم طعن من ذلك. ولا بد ههنا من التفصيل، ليتبين من هو على الحق ممن سلك التضليل فأقول: اعلم أن أعظم ما تداولت الألسن من الاختلاف الواقع بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما وقع في زمن الأمير كرم الله تعالى وجهه، فنشأ منه وقعتان عظيمتان: وقعة الجمل، ووقعة


(١) وقد ثبت كبار الصحابة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن إسحاق: «وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد قتل يومئذ». السيرة النبوية: ٥/ ١١١. أما الحلي فما ادعاه [نهج الحق: ص ٣١٧] من أن أهل بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقط ثبتوا معه فمن كذبه العاري عن السند.
(٢) صحيح مسلم
(٣) أحمد وابن حبان، وفي سنده محمد بن إسحاق وهو مدلس قد عنعن هنا.