للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكإنكارهم كون رقية وأم كلثوم زوجتي عثمان بنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن خديجة أمهما. (١) مع أنه مخالف لقوله تعالى {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك} ولما ذكر في (نهج البلاغة) من معاتبة الأمير لعثمان على تغييره سيرة الشيخين بقوله «قد بلغت من صهره ما لم ينالا» (٢) أي الشيخين. وروى أبو جعفر الطوسي في (التهذيب) عن الإمام جعفر الصادق أنه كان يقول في دعائه «اللهم صل على رقية بنت نبيك، اللهم صل على أم كلثوم بنت نبيك». (٣) وروى الكليني أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة فولد منها قبل مبعثه - صلى الله عليه وسلم - «القاسم ورقية وزينب وأم كلثوم، وبعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة». (٤) وأورد في رواية أخرى أنه لم يولد له بعد المبعث إلا فاطمة وأن الطيب والطاهر ولدا قبل المبعث.

وكقولهم إن أبا بكر وعمر وعثمان منافقون، مع أن الأمير اقتدى بهم في الأوقات الخمسة زمن خلافتهم، وقال تعالى {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}.

وكقولهم إن الآيات المشعرة بمدح الصحابة من المهاجرين والأنصار وأم المؤمنين كلها متشابهات لا يعلم تأويلها إلا الله. (٥)

وكقولهم إن أهل السنة شر من اليهود والنصارى، ذكر ذلك ابن المعلم وغيره. (٦) {إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} فيا ليت شعري أين ذهب إيمان أهل السنة بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، ومحبتهم لأهل البيت الطاهرين والأئمة الزاكين وصلاتهم وزكاتهم حجهم وجهادهم، وكيف يكون من أشرك بالله تعالى وكفر برسوله - صلى الله عليه وسلم - أرجح من هؤلاء؟ وما أشبه قولهم بقول اليهود في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الكافرين أهدى من المؤمنين؛ قال تعالى {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا}.


(١) لكن ذكر الإمامية أن رقية وزينب لم تكونا بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هما بنات لأخت خديجة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج خديجة وهي عذراء، ذكره ابن شهر آشوب المازندراني، وعزاه إلى الطوسي والمرتضى، فقال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج بها [خديجة] وكانت عذراء وإن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة بنت أخت خديجة». مناقب آل أبي طالب: ١/ ١٥٩.
(٢) نهج البلاغة (بشرح ابن أبي الحديد): ٩/ ٢٦١.
(٣) تهذيب الأحكام: ٣/ ١٢٠؛ المفيد، المقنعة: ص ٢٣٩؛ الفتال، روضة الواعظين: ٢/ ٣٢٤.
(٤) الكافي: ١/ ٤٣٩.
(٥) بل خصوا آيات مدح الصحابة بعلي - رضي الله عنه -، وعموا عن سياقها. فمثلا أورد قيس بن سليم في كتابه عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في تفسير قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان - رضي الله عنهم - ورضوا عنه} سئل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أنزلها الله - تعالى ذكره - في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي بن أبي طالب أفضل الأوصياء». كتاب قيس بن سليم: ص ٦٤٣؛ ابن طاوس، التحصين: ص ٦٣٢؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٣١/ ٤١٠. والآية بلفظ الجمع تمدح المهاجرين والأنصار، ولم يدع أحد أن عليا كان من الأنصار.
(٦) روى حسين الأهوازي عن حمران بن أعين قال: «قلت: لأبي عبد الله - عليه السلام - إنهم يقولون: لا تعجبون من قوم يزعمون أن الله يخرج قوما من النار فيجعلهم من أصحاب الجنة مع أوليائه، فقال: أما يقرؤن قول الله تبارك {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} إنها جنة دون جنة ونار دون نار إنهم لا يساكنون أولياء الله، وقال: بينهما والله منزلة ولكن لا أستطيع أن أتكلم، إن أمرهم لأضيق من الحلقة، إن القائم لو قام لبدأ بهؤلاء». الزهد: ص ٩٥. وعلق المجلسي على الرواية موضحا: «بيان قوله - عليه السلام -: (إن أمرهم) أي: المخالفين، (لأضيق من الحلقة) أي: الأمر في الآخرة مضيق عليهم لا يعفى عنهم كما يعفى عن مذنبي الشيعة، ولو قام القائم لبدأ بقتل هؤلاء قبل الكفار، فقوله لا أستطيع أن أتكلم في تكفيرهم تقية، والحاصل أن المخالفين ليسوا من أهل الجنان ولا من أهل المنزلة بين الجنة والنار وهي الأعراف، بل هم مخلدون في النار». بحار الأنوار: ٨/ ٣٦٠.