للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورث من أسرار النبوة ما قد رأيت منه، وعنده أكثر من هذا. قال: ارجع إليه فقل: السمع والطاعة لأمرك. فرجعت إلى علي، فقال: أحدثك عما جرى بينكما؟ فقلت: أنت أعلم مني. فتكلم بما جرى بيننا ثم قال: إن رعب الثعبان في قلبه إلى أن يموت. (١)

وفي هذه الرواية ضرب عنق التقية أيضا، إذ صاحب هذه القوس تغنيه قوسه عنها ولا تحوجه أن يزوج ابنته أم كلثوم (٢) من عمر خوفا منه وتقية. (٣)

وروى الكليني عن معاذ بن كثير (٤) عن أبي عبد الله أنه قال: إن الله عز وجل أنزل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - كتابا، فقال جبريل: يا محمد هذه وصيتك إلى النجباء فقال: ومن النجباء يا جبريل؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده. وكان على الكتاب خواتم من ذهب، فدفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى علي وأمره أن يفك خاتما منه فيعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسن ففك منه خاتما فعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين ففك خاتما فوجد فيه أن أخرج قومك إلى الشهادة فلا شهادة لهم إلا معك واشتر نفسك من الله تعالى، ففعل. ثم دفعه إلى علي بن الحسين ففك خاتما فوجد فيه أن اطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل. ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آباءك الصالحين ولا تخافن أحدا إلا الله تعالى فإنه لا سبيل لأحد عليك. ثم دفعه إلى جعفر الصادق ففك خاتما فوجد فيه: حدث الناس وأفتهم ولا تخافن إلا الله تعالى وانشر علوم أهل بيتك وصدق آباءك الصالحين فإنك في حرز وأمان، ففعل. ثم دفعه إلى موسى وهكذا إلى المهدي. (٥) رواه من طريق آخر عن معاذ أيضا عن أبي عبد الله وفي الخاتم الخامس: وقل الحق في الأمن والخوف، ولا تخش إلا الله تعالى. (٦) وهذه الرواية أيضا


(١) الخرائج والجرائح: ١/ ٢٣٢؛ البحراني، مدينة المعاجز: ١/ ٤٤٦؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٤١/ ٢٥٦
(٢) هي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، ولدت قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتزوجها عمر بن الخطاب في خلافته فولدت له زيدا ورقية. الاستيعاب: ٤/ ١٩٥٤؛ الإصابة: ٨/ ٢٩٣. روى الحاكم عن علي بن الحسين: «إن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خطب إلى علي - رضي الله عنه - أم كلثوم، فقال: أنكحنيها فقال علي: إني أرصدها لابن أخي عبد الله بن جعفر، فقال: عمر أنكحنيها فوالله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصده، فأنكحه علي، فأتى عمر المهاجرين، فقال: ألا تهنوني؟ فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ فقال: بأم كلثوم بنت علي وابنة فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسب وسبب». المستدرك: ٣/ ١٥٣، رقم ٤٦٨٤؛ وبلفظ قريب أخرجه البيهقي في الكبرى: ٧/ ٦٤، رقم ١٣١٧٢ وهو في صحيح الجامع، برقم ٤٥٢٧. وأخرج الإمامية الرواية بلفظ قريب، فقد أوردها ابن البطريق، العمدة: ص ٢٨٦؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٢٥/ ٢٤٧.
(٣) ورغم اتفاق الطرفين على ثبوت هذا الزواج، إلا أن كتب الإمامية افترت لسبب لا يخفى على اللبيب القول بأن عمر تزوج من جنية تمثلت بصورة أم كلثوم أرسلها له علي - رضي الله عنه -؛ أورد ذلك القطب الراوندي، والرواية عن عمر بن أذينة قال: «قيل لأبي عبد الله - عليه السلام -: إن الناس يحتجون علينا ويقولون إن أمير المؤمنين - عليه السلام - زوج فلانا [أي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -] ابنته أم كلثوم، وكان متكئا فجلس وقال: أيقولون ذلك، إن قوما يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل، سبحان الله ما كان يقدر أمير المؤمنين - عليه السلام - أن يحول بينه وبينها فينقذها، كذبوا لم يكن ما قالوا: إن فلانا [عمر - رضي الله عنه -] خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فأبى علي - عليه السلام -، فقال للعباس: والله لئن لم تزوجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم، فأتى العباس عليا فكلمه، فأبى، فألح العباس، فلما رأى أمير المؤمنين - عليه السلام - مشقة كلام الرجل على العباس، وأنه سيفعل بالسقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين - عليه السلام - إلى جنيّة من أهل نجران يهودية يقال لها (سحيفة بنت جريرية)، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم، وبعث بها إلى الرجل فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوما فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فلما قتل حوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين أم كلثوم». الخرائج والجرائح: ٢/ ٨٢٥؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٤٢/ ٨٨. ففي هذه الرواية طعن بعلي - رضي الله عنه - واتهامه بالسحر والخداع وتسخير الجن ومخالفة قوله تعالى: {وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقا}.
(٤) معاذ بن كثير الكسائي، روايته عندهم عن الصادق، وثقه المفيد. رجال البرقي: ص ٤٦؛ رجال الطوسي: ص ٣٠٦؛ معجم رجال الحديث: ١٨/ ١٨٦.
(٥) الكافي: ١/ ٢٧٩؛ ابن بابويه، الإمامة والتبصرة: ٣٨ - ٣٩؛ ابن بابويه (الصدوق)، كمال الدين: ص ٢٣٢.
(٦) الكافي: ١/ ٢٨٠؛ ابن بابويه، الإمامة والتبصرة: ص ٣٩.