للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الله معنا} (١) وكذا أسقط لفظ «بعلي بن أبي طالب» بعد قوله تعالى {وكفى الله المؤمنين القتال} (٢) وكذا لفظ «آل محمد» الواقع بعد «ظلموا» من قوله تعالى {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} (٣) إلى غير ذلك من الهذيانات والأقوال الترهات.

وأما العترة الشريفة فهي بإجماع أهل اللغة تقال لأقارب الرجل، (٤) والشيعة ينكرون نسبة بعض العترة كرقية وأم كلثوم ابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (٥) ولا يعدون بعضهم داخلا العترة كالعباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولاده وكالزبير بن صفية عمة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل يبغضون أكثر أولاد فاطمة رضى الله تعالى عنهم ويسبونهم كزيد بن علي بن الحسين الذي كان عالما كبيرا متقيا واستشهد على يد المروانية، وكذا يحيى ابنه وكذا إبراهيم وجعفر ابني موسى الكاظم، (٦) ولقبوا الثاني بالكذاب مع أنه كان من كبار أولياء الله تعالى وأخذ منه أبو يزيد البسطامي الطريقة، وأخْذه إياها من جعفر الصادق غلط. (٧)

ولقبوا أيضا جعفر بن علي أخا الإمام الحسن العسكري بالكذاب، (٨) ويعتقدون أن الحسن بن الحسن المثنى (٩) وابنه عبد الله المحض وابنه محمدا الملقب بالنفس الزكية ارتدوا وحاشاهم من كل سوء. وكذلك يعتقدون في إبراهيم بن عبد الله وزكريا بن محمد الباقر ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (١٠) ومحمد بن القاسم بن الحسن (١١) ويحيى بن عمر (١٢) الذي كان من أحفاد زيد بن علي بن الحسين، وكذلك يعتقدون في جماعة حسنيين وحسينيين كانوا قائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، إلى غير ذلك من الأمور الشنيعة التي يعتقدونها في حق العترة المطهرة مما هو مذكور في الأصل، نعوذ بالله من جميع ذلك، ونبرأ إليه جل شأنه من سلوك هاتيك المسالك. فقد بان لك أن الدين عند هذه الطائفة الشنيعة قد انهدم بجميع أركانه وانقض ما تشيد من محكم بنيانه، حيث أن كتاب الله تعالى قد سبق لك واعتقادهم فيه وعدم اعتمادهم على ظاهره وخافيه، ولا يمكنهم أيضا التمسك بالعترة المطهرة بناء على زعمهم الفاسد من أن بعضهم كانوا كفرة، وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأبواب الآتية بيان مخالفتهم للثقلين في كل مسألة


(١) بل زعم شيطان الطاق الذي يسمونه «مؤمن آل محمد» أن الآية كلها ليست من القرآن. انظر (الفصل) لابن حزم ٤: ١٨١ وتعليقنا على (العواصم من القواصم) ص ٦٩
(٢) تفسير القمي: ٢/ ١٨٩؛ الطبرسي، جوامع الجامع: ٣/ ٣٠٩.
(٣) تفسير القمي: ٢/ ١٢٥؛ الطبرسي، جوامع الجامع: ٣/ ١٧٥.
(٤) قال الآلوسي: «والعترة في تفسيرها أقوال: منها عترة الرجل أقرباؤه من ولد وغيره، ومنهم من قال هم قومه دِنْيا، ومنهم من قال هم رهطه وعشيرته الأدنون من مضى منهم ومن غبر، ومنه قول أبي بكر - رضي الله تعالى عنه -: «نحن عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي خرج منها وبيضته التي تفقأت عنه، وإنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحا عن قطبها». سعادة الدارين: ص.
(٥) ذكر الإمامية أن رقية وزينب لم تكونا بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - بل بنات لأخت خديجة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج خديجة وهي عذراء، كما ذكر ذلك ابن شهر آشوب المازندراني، وعزاه إلى الطوسي والمرتضى، حيث قال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج بها [خديجة] وكانت عذراء وإن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة بنت أخت خديجة». مناقب آل أبي طالب: ١/ ١٣٧.
(٦) هو جعفر بن موسى الكاظم، أبو عبد الله، لقبه الشيعة بالكذاب لادعائه الإمامة بعد أخيه الحسن، (ت ٢٧١هـ). عمدة الطالب في أنساب أبي طالب: ص١٩٩. والإمامية يروون الروايات في تكذيبه ولعنه وينسبونها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رغم أنه من سادات أهل البيت، فقد أخرج الطوسي عن أبي خالد الكابلي قال دخلت على سيدي علي بن الحسين زين العابدين فقلت له: «يا سيدي كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال حدثني أبي عن أبيه: أن رسول الله قال: إذا ولد أبني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فسموه الصادق، فإن الخامس من ولده الذي اسمه جعفر يدعي الإمامة اجتراءً على الله وكذبا عليه، فهو عند الله جعفر الكذاب المفتري على الله، المدعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه والحاسد لأخيه، ذلك الذي يكشف سر الله عند غيبة ولي الله». الاحتجاج: ص ٣١٨؛ وأخرجه أيضا القطب الراوندي، الخرائج: ١/ ٢٦٨؛ المجلسي، بحار الأنوار: ٥٠/ ٢٧٧.
(٧) توفي جعفر الصادق سنة ١٤٧هـ أي قبل ولادة البسطامي
(٨) هو أبو عبد الله جعفر بن علي بن محمد الهادي العسكري، اتهمه الإمامية بالفسق وشرب الخمر، لأنه أخذ تركة أخيه بعد موته وأنكر أن يكون له ولد، مات سنة ٢٧١هـ. دائرة المعارف الشيعية العامة: ٧/ ١٩٦. ويدعي الإمامية أنه طمع بميراث أخيه، ولذلك أخفى الحسن العسكري خبر مولد ابنه عن الناس، قال الطوسي: «لأن الحسن - عليه السلام - كان كالمحجور عليه وكان الوالد يخاف عليه لما علم وانتشر من مذهبهم أن الثاني عشر هو القائم بالأمر، لإزالة الدول فهو المطلوب لا محالة، وخاف عليه أيضا من أهله كجعفر أخيه الذي طمع في الميراث والأموال، فلذلك أخفاه ووقعت الشبهة في ولادته». الغيبة: ص ٧٦.
(٩) هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، أبو محمد، حدث عن أبيه وعبد الله بن جعفر، قليل الرواية مع صدقه وجلالته، كان على الصدقة في خلافة علي - رضي الله عنه -، توفي سنة ٩٩هـ. سير أعلام النبلاء: ٤/ ٤٨٣؛ البداية والنهاية: ٩/ ١٧٠.
(١٠) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، يروي عن جماعة من التابعين، قتل بالمدينة سنة ١٤٥هـ. الثقات: ٧/ ٣٦٣؛ الجرح والتعديل: ٧/ ٢٩٥.
(١١) محمد بن القاسم بن الحسن بن محمد بن الحسن الزكي الثالث. عمدة الطالب. ص ١٥٧.
(١٢) يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، خرج سنة ٢٥٠هـ بالكوفة، فتغلب على الكوفة، ودعا إلى الرضا من آل محمد وقوي أمره، وفي رجب من تلك السنة اقتتل مع الحسين بن إسماعيل، وقتل وبعث برأسه إلى الخليفة العباسي في سامراء، فقالت الجارودية، إنه لم يمت، وسيعود ليملأها عدلا كما ملئت جورا. الفصل: ٤/ ١٣٧؛ الملل والنحل: ١/ ١٥٩؛ البداية والنهاية: ١١/ ٥.