للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالبدع المباحة إن لم يترتب عليه مفسدة، ولم يرد في ذمه حديث عند فقهاء الحنابلة، والله أعلم، وكتبه الفقير مرعي المقدسي الحنبلي، وأفتى بذلك الشيخ العلامة العارف بالله تعالى الشيخ أحمد المالكي، ونص ما كتبه الدخان المذكور حرام لمن يغيب عقله، أو يؤذي جسده إذا أخبره بذلك طبيب عارف يوثق به، أو علم ذلك من نفسه بتجربة، وإلا فهو غير حرام، والله أعلم، وأما ما ورد من الأحاديث المتعلقة بذمه، فهو باطل لا أصل له، وقد ذكر الشيخ العلامة عبد الرءوف المناوي المذكور، أنه ورد عليه أسئلة كثيرة تشتمل على أحاديث في ذم الدخان لا أصل لها، وأنه لم يوجد حديث بذمه أصلا، والله أعلم.

فقد اتضح لك أن شرب ما لا يغيب العقل من الدخان غير محرم لذاته باتفاق المذاهب الأربعة، وإذا ثبت هذا فلا يحرم بمنع ولي الأمر على من علم انتفاعه به ولم يغيبه؛ لأنه حينئذ صار مطلوبا باستعماله، فترك استعماله ترك لما طلب منه، وطاعة الإمام لا تجب في مثل هذا على أحد القولين الآتيين، وكذلك إن لم يعلم ذلك ولم يضره ولم يغيب عقله، إن علم أن سبب منع ولي الأمر من استعماله اعتقاد حرمته، وإن علم أن لسبب المنع من استعماله مصلحة أخرى مع اعتقاد إباحته حرم؛ لأنه تجب طاعة السلطان في غير المعصية، فإذا منع من مباح وجبت طاعته، وإن لم يعلم سبب ذلك، فإنه يحمل على الأول، والمظنون بل المحقق أنه لا يمنع الناس من المباح الذي لا يعتقد حرمته على أنه قد يقال: إن منع الإمام من المباح لا يعمل به إلا إذا كان مذهبه ذلك، وأفتى الشيخ عبد الله الحنفي المذكور أن منع الإمام من المباح لغو لا يوجب حرمته، وليس له منع الناس منه، وأفتى العلامة ابن القاسم الشافعي بأن منع الإمام من المباح إنما يوجب المنع ظاهرا فقط، ونص ما كتبه نهي الإمام يمنع ارتكاب المنهي عنه، وإن كان مباحا على ظاهر كلام أصحابنا، ويكفي الانكفاف ظاهرا، وهذا آخر ما أردنا إيراده من رسالة سيدي علي الأجهوري المذكور.

(فائدة) ذكر الزرقاني على العزية ما نصه: سئل سيدي علي الأجهوري عن الدخان، وأن شخصا ينقل أحاديث وهي: "إياكم والخمر والخضرة"، وأن حذيفة قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى شجرة فهز رأسه، فقلت: يا رسول الله، لم هزيت رأسك؟ فقال: "يأتي ناس في آخر الزمان يشربون من أوراق

<<  <   >  >>