اعلم أن المقاطع والمبادئ علم مفتقر إليه يعلم به الفرق بين المعنيين المختلفين، والقصتين المتنافيتين والآيتين المتضادتين، والحكمين المتقاربين، وبين الناسخ والمنسوخ، والمجمل والمفسر، والمحكم والمتشابه، ويميز بين الحلال والحرام، وبين ما يقتضي الرحمة والعذاب، ولهذا روي عن الصحابة أنهم قالوا: يجب أن لا يخلط القارئ آية رحمة بآية عذاب على ما يقتضيه حكم اللَّه تعالى، والوقف أدب القرآن ويميز به بين الساكن والمتحرك ألا ترى أنه لا يبتدأ بساكن ولا يوقف على متحرك وإن جاء في الوقف الروم والإشمام وليس بحركة تامة ويتجنب الوقف على ما يوهم مثل قوله عز وجل:(فبعَثَ)، ويبتدئ (اَللَّهُ غُرَابًا)، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ)، و (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا)، ويبتدئ (إِنَّ اللَّهَ) وهكذا (مُبِينٌ)، ويبتدئ (اقْتُلُوا يُوسُفَ) ولا يقف على (رَحِيمًا)، ويبتدئ (وَالْمُحْصَنَاتُ) وإن كان (مُبِينٌ)، و (رَحِيمًا) آخر آية، ولا يتبع قول الجهال ومن لا يعلم إذا الواقف لا يخلوا: إما أن يكون عالما أو ناقلًا، فإن كان عالما فله أن يقف في كل موضع يبين له معنىً وهذا هو واحد العصر وإن كان ناقلا فليس له أن يعدوا المقول ولما جزت بغزنة وكان بها رجل هروي جاهل في معانيه، فطلب أن يتسوق واسمه علي بن الحسين الجوزجاني، ولكنه ادعى الأدب، وقرأ بهراة على الشيخ إسماعيل القرآن كثير الوقف ولم يضبط عنه فطلب المباهات فسألني إن وقفت على (عُزيرٌ) كيف يبتدئ أو إن وقفت علي (فبعَثَ) كيف يبتدئ أو على (مُبِينٌ) كيف يبتدئ، فقلت إن لم يخف الوهم على السامع، فيبتدئ كما في القصة (ابْنُ اللَّهِ)، (اَقتُلُوا)، وإن خاف الوهم يعود كيلا يتوهم السامع معنى الآخر، فقال: أخطأت في الجواب وعادتي فله المراء فقلت: افدني يرحمك اللَّه ولم أشتغل بالمراء والكبر، فقال: اسمعوا أيها الحاضرون ليعلموا أن لا أجد كالغزية وعلمائها، فقال صاجا المجلس القاضي أبو سليمان داود بن محمد الجوزدي ليعلم قولك، فقال الرجل: إذا وقف على (عُزيرٌ) قلت: نبي اللَّه وإذا وقفت على (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا)، وإن: قفت على