أما التسمية فأجمع قراء الكوفة وقراء مكة وفقهاؤها أنها أول الفاتحة آية، واتفق أصحاب الشافعي رضي اللَّه عنهم على ذلك وهل هي من أولها قطعًا أو حكمًا فعلى قولين: الأولى أن يكون قطعًا فأما سائر السور فهل هي من أول كل سورة، روي عن ابن عباس أنه قال: من ترك التسمية من أول كل سورة حتى ختم القرآن فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية لم يقل وأربع عشر آية من القرآن، لأنها لا تكتب من أول براءة، وهذا لا خلاف أنها جاء بعضها آية وبعضها نصف آية وبعضها آية مختلف فيه فقوله: ليس بآية في المشهور من قوله: (الر تِلْكَ آيَاتُ)، ولا خلاف على قول أهل الكوفة في (حم) أنها آية، وقوله:(الرَّحْمَنُ) اختلف فيها هل هي آية أو بعض آية عدها الكوفي والشامي آية قوله: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) ليس بآية بلا خلاف، وهكذا قوله:(وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في سورة النمل فهو نصف آية، ومع هذا كله الاعتقاد أنها آية في أول الفاتحة، وهل هي من كل سورة آية؟ فعلى قولين: إن قلنا ليس بآية فلا كلام، وإن قلنا آية فهل هي مقطوع بها أو من طريق الحكم فعلى قولين: الأول: في غير الفاتحة أنها آية حكمًا، وقال أبو حنيفة ومن تابعه: ليس بآية في كل موضع ولا يجهر بها في القراءة عنده، وعندنا يجهر، وهكذا في كل سورة، واختلف أصحابه فمنهم من قال: هي آية على حدة وليست من الفاتحة، ومنهم من قال: كتبت للتبرك وللفصل وهذا قول مالك أيضًا.
وأجمع قراء البصرة وفقهاؤها وقراء المدنية وفقهاؤها وقراء الشام وفقهاؤها أنها ليست بآية من الفاتحة وغيرها إلا من شذ منهم، والأولى قول الشافعي رضي اللَّه عنهم، لأنها كتبت بقلم الوحي، ولو كانت كالأخماس والأعشار لكتبت بالقلم الآخر، وليس المقصود في كتابنا بيان المذهب؛ لكن المقصود بيان الاختلاف للقراء، وروى الأزرق عن ورش غير ابن مطر والنحاس ترك التسمية في أوائل السور إلا في مواضع منها (الَّذِينَ كَفَرُوا) إذا قال إلا (الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) يستحب له أن يقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وكذلك بين