للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك وعمر رضي اللَّه عنه حين أخذ أبو بكر رضي الله عنه في جمع القرآن لم يقبل آية إلا بشهادة رجلين حتى أنه أتى لقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أتى به خزيمة فقال: من يشهد لك فلم يوجد أحد فهم بضربه حتى قال بعض الصحابة: هذه صفة نبيكم وصدق في ذلك فسمي ذا الشهادتين وكذلك فعل عثمان حين جمع القرآن فأبى أن يقبل حرفًا أو آية إلا بشهادة رجلين حتى إن مصحف عبد اللَّه كتب فيه ما يخالف مصحف حفصة فترك الترتيب أخذه وأحرقه والذي وجد في مصحف علي لأنه خالف ترتيب مصحف حفصة وأنى يظن بهم ذلك، وهم أمناء الأمة، وفصحاؤها، وحفاظ الدين والشريعة كيف وقد قال اللَّه تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ولو جاز أن يدخل في القرآن ما ليس فيه لجاز أن يزاد فيه وينقص ولو جاز ذلك لتبدلت الشريعة ووصفت هذه الأمة بما وصف به اليهود والنصارى من تبدل التوراة والإنجيل كيف وقد اجتمعت الأمة من لدن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا على الأخذ والقراءة والإقراء بالإمالة والتفخيم بعد قوله: " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " (١).

ألا ترى أن الفقهاء رد بعضهم على بعض حتى قال ابن عباس لزيد بن ثابت في الفرائض هذا النصف والنصف قد مر بالمال فأين موضع التثنية من شابا هلته، والذي أحصى رمل عالج ما كان في مال ونصف وثلث، وكذلك رد بعضهم على بعض في الديات والأسنان هذا الوعيد كله في الفروع التي هي دلالات وإمارات فكيف القرآن الذي هو مقطوع به وكذلك بعض المتكلمين كفر بعضهم بعضًا وقاتله وفسقه وبدعه، ولم يقل أن من قرأ بالإمالة مبتدع أو فاسق أو خارج عن الحق بل أخذوا عنه وكتبوا حديثه حتى افتخروا بحديا الْأَعْمَش وحَمْزَة، ولقد حدثنا أبو العباس أحمد بن علي بن هاشم رحمة اللَّه عليه قال: حدثنا أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون حدثنا إدريس بن عبد الكريم عن خلف بن هشام البزار عن أبي عيسى سليم بن عيسى الحنفي قال: وأنا أبكي على حَمْزَة قال لي حَمْزَة: وما يبكيك يا سليم؟ قلت: إن النحويين يعتبون عليك وقرأتك (بِهِ وَالْأَرْحَامِ)، و (بِمُصْرِخِيِّ) فقال: يا سليم قرأت على الْأَعْمَش، وقرأ الْأَعْمَش على يحيى بن وثاب، وقرأ يحيى على زر بن حبيش وقرأ


(١) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، وابن ماجه (٤٦) بدون: " وكل ضلالة في النار ".

<<  <   >  >>