لأنها هوائية جوفية فوجود المد يوجب تمكينها وقوتها وثباتها وتفريع الحركات منها؛ لأن الحركات أعراض والحروف بنفسها إذا كتب فهي في كفايتها أجسام ألا ترى كيف يثبت في الكتابة والحركات لا تثبت إلا ياء العلامات أو بألفاظ، ولهذا قالوا أن قوله:(وَلَا الضَّالِّينَ) المد فِيه صحيح، وإن كان فيه جمع بين ساكنين الألف واللام الأولى التي في لين لما مد قامت المدة مقام الحركة فحيل بين ساكنين بها حتى أن أيوب السختياني خاف من ذلك فقال:(وَلَا الضَّالِّينَ) فهمز لئلا يجمع بين ساكنين لكنه قبيح ووهمه غير صحيح وإنما يثبت المد لمعنيين، أحدهما أن يلقى حرف المد واللين ساكنًا أما من كلمة أو كلمتين فلو لم يمد القوي الساكن على حرف المد واللين ذكرنا؛ لأنها تخفى وتدف فالمد على ثلاثة أقسام: أما أن يكون مدًّا للتشديد كقوله: (دابة) و (دواب) و " شواب "، وهذا في كلمة واحدة قال الله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ) أو يكون لعارض تعرض كالإدغام لبعض القراء نحو: (قَالَ رَبِّ)، و (قِيلَ لَهُمْ) وأشباهه أو يكون لهمزة استقبلتها من كلمة كـ (جَآءَ)، و (شَاءَ) أو كلمتين نحو: (فِي أَنفُسِهِم)، و (قَالُوا آمَنَّا).
أما المقصور فلا يمد إلا في ضرورة الشعر، والممدود لا يقصر على الصحيح، وأجازه الْأَخْفَش مثل (الهدَى) وذلك في الممدود نحو قوله: (نِدَاءً)، و (دُعَاءً) لا يجوز فيه القصر والمقصور مثل (الهدَى)، و " الرياء "، و (الرِّبَا) لا يجوز فيه المد أما (زكريا) على من قصره ولم يهمزه فروي عن الزَّيَّات فيه من طريق الْعَبْسِيّ وأبي الأقفال وغيرهم القصر. هذا فصل المد مستقصيًا وباللَّه التوفيق غير أن الممدود يجوز قصره والمقصور لا يجوز مده لكنه إلى أن المد عشرة ألقاب.