أكلت لقمة لمن قرأ عليه قط ومر حَمْزَة يومًا سقاية رجل وكان عطشانًا فاشتد على ماء فلما أتى به قال: أقرأت عليَّ شيئًا من القرآن، قال: نعم فأبى أن يشرب ومر بعطشه، ودخل يومًا سليم عليه فوجده يبكي فقال: ما يبكيك يا أبا عمارة؟ قال: التفكر في هذه الآية (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)، وقال حَمْزَة: رأيت يومًا فيما يرى النائم ربي وأطال القصة إلى أن قال لي: اقرأ وارق يا حَمْزَة، واعلم أن لكل واحدٍ من أهل القرآن مثل هذا ثم سألني على من قرأت فقلت: على الْأَعْمَش، قال: وعلى من قرأ؟ قلت: على يحيى بن وثاب ثم على من؟ قلت: على زر بن حبيش، قال: ثم من؟ قلت: على عبد اللَّه بن مسعود، قال: ثم من؟ قال على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، قال: صدق رسول اللَّه وصدق ابن مسعود، وصدق زر، وصدق يحيى، وصدق الْأَعْمَش، وصدقت يا حَمْزَة: اقرأ تنزيل إنا نزلته تنزيلًا، وقال في موضع:" وأنا اخترناك "، والقصة فيها طول اختصرناها اختصارًا ويأتم به كبار أهل الكوفة كإسرائيل وزائدة وابن إسحاق وطَلْحَة وغيرهم توفي حَمْزَة سنة ست وخمسين ومائة بالكوفة.
وخلفه أبو الحسن علي بن حَمْزَة الكسائي أوحد القراء، وفخر العلماء كان مؤدبًا