رسول اللَّه كما ذكروا في (مَالِكِ) وغيره والقرآن كلها منسوبة إليه - صلى الله عليه وسلم - فكيف يخص بواحدة دون أخرى واعلم أن هذه السبعة ليس فيها تناقض إذ قال:(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، والتناقض إنما يثبت أن لو جاء حكم في آية بالحلال ومثله في تلك الآية ذلك الحرف في الحرام مثل أن تقول افعل ولا تفعل وهذا المعنى مأمون أن يأتي مثله في كتاب اللَّه أما (يخدعون) و (يخادعون) فمن حمله على الاثنين أو الواحد أو على الجماعة فمثل هذا جائز لأنهم قالوا: طارقت النعل وعاقبت اللص وهذا واحد وهكذا " تُكَذِّبُونَ " و " تَكَذِبُونَ " إذ قالت عائشة رضي اللَّه عنهما: عوتبوا على التكذيب لا على الكذب، وكل هذا إنما يتصور في هذه اللغة لاتساع خطابها ومعانيها أشبعنا القول مختصرا ولو شرحناه لأدى إلى تطويل كثير.
والصحيح أن هذه السبعة إنما هي هذه القراءة التي جاءت بها الآثار عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ولا يختص بهذه الأئمة السبعة، بل هو لغات متفرقة في العرب وأبنية هي معاني متفرقة ومختلفة يدل على الأحكام منها قراءة يدل على حكم وأخرى يدل على حكم آخر مثل قوله:(أَوْ لَامَسْتُمُ)، (أَوْ لَمَسْتُمُ) أحدهما يدل على اللمس، والثاني يدل على الجماع، وقيل: هذا كثير على تباين الألفاظ واختلاف الصيغ ما لم يخالف المصاحف التي اجتمعت عليها الصحابة وأنفذها عثمان رضي اللَّه عنه إلى البلدان الخمسة، وأجمعوا أن ما عدا هذه المصاحف يجوز إحراقه وغسله وليس بقرآن، وما اختلف فيه أهل هذه المصاحف من الهجاء والأبنية والزيادة والنقصان والبدل والحركات والمعاني والأحكام فهذا كله يجتمع في هذه القراءات المروية والمعول في تأويل الخبر على ما ذكرت مختصرًا، وباللَّه التوفيق.