الإمام سليم بن أيوب الرازي أحد كبار أئمة المذهب الشافعي المتوفى سنة سبع وأربعين وأربعمائة، كان يحاسب نفسه على الأنفاس أن تضيع دون إفادة أو استفادة، قال أبو الفرج غيث بن علي التنوخي الصوري: وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه على الأنفاس.
أي: يحاسب نفسه على اللحظة التي يستهلكها النفس، فقد كان يضن بها ويبخل ويحاسب نفسه على هذه الأنفاس، قال: ولا يدع وقتاً يمضي عليه بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ وينسخ شيئاً كثيراً.
ولقد حدثني عنه شيخنا أبو الفرج الإسفراييني -وهو من تلامذته- أنه نزل يوماً إلى داره ورجع، فقال: قد قرأت جزءاً في طريقي.
يعني: فرغ من كتاب أو جزء منه أثناء ذهابه إلى البيت ورجوعه.
قال: وحدثني المؤمل بن الحسن أنه رأى سليماً حفي عليه القلم -يعني: رق ولم يعد صالحاً للكتابة- فإلى أن قطه جعل يحرك شفتيه.
أي: يذكر الله في هذه اللحظات، فحركة اليد حركة ميكانيكية يمكن أن يجتمع معها النشاط الذهني، فكان يقرأ وقت إصلاح القلم لئلا يمضي عليه وقت بلا فائدة.