لا شك أننا نمر بين وقت وآخر بظروف ليس من العقل ولا من الحكمة أن تمر دون أن نعتبر ونتبصر، خاصة إذا كانت هذه الأشياء هي عبارة عن نذر ورسائل من الله سبحانه وتعالى، فلا شك أن الزلزال الذي حدث أخيراً تحذير من الله سبحانه وتعالى الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، فهو تحذير وتذكير وإنذار للعباد كي يفيقوا، ويتوبوا إلى ربهم عز وجل، وهذه المرة لما لطف الله بنا ولم يحصل مضاعفات كالزلزال الماضي لم نجد كثيراً من الاهتمام بهذا الأمر، بل توافرت الصحف والإعلام على الكلام بأن هذه ظاهرة طبيعية، فهل نعود من جديد لنقول أيضاً: الزلزال ظاهرة طبيعية كما يقول الملاحدة؟ فإذا كانت ظاهرة طبيعية فمن الذي خلقها؟ فطلوع الشمس والقمر ظاهرة طبيعية، لكن أليس وراء هذه الظواهر الطبيعية من يخلقها، ومن يسيرها، ومن يوجهها؟ فينبغي ألا نغرق مع أهل الغفلة في غفلتهم ونطاوعهم في ضلالهم ونردد أمثال هذه المصطلحات، فالطبيعية من الذي طبعها؟ فكل شيء بأمر الله سبحانه وتعالى، وبحوله وقوته، فحتى نستفيد من هذه العبر ينبغي ألا ننصت لكلام هؤلاء الشياطين الذي يلهجون بمثل هذه التعبيرات، ويركز الكلام كله على كم درجة كان الزلزال، وبفضل سياستنا الراشدة كان كذا، وأننا لما فعلنا كذا وكذا لم تحصل خسائر، وما بقي إلا أن ينشد فينا كما أنشد ذلك الشاعر الفاطمي للخليفة الفاطمي، حينما وقع زلزال في مصر فقال له: ما زلزلت مصر لظلم ألم بها ولكن رقصت من عدلكم طرباً.
فنعوذ بالله من هذا الرقص! فلا بد أن نستحضر أن هذا تحذير من الله سبحانه وتعالى، وعلينا أن نتدبر ونكثر من الاستغفار، فربما وجود طائفة قليلة من الصالحين الذين يستغفرون الله سبحانه وتعالى يكون سبباً في تحول عذاب الله تبارك وتعالى عنهم.
الأمر الثاني: الحادث الشديد الذي حصل في إسلام أباد لا شك أنه أيضاً من معالم هذا الزمان الذين نعيشه، والفتن التي نحياها؛ إذ كيف يتجرأ إنسان أياً كان هذا الإنسان فضلاً عن مسلم أن يريق الدماء بهذه الطريقة الموغلة في الفوضى، وانتهاك حرمات الله سبحانه وتعالى؟! ولذلك لا نكاد نتصور أبداً أو نصدق أن رجلاً مسلماً يفعل مثل هذا الفعل، وحتى الآن ما وقفنا على أي دليل قطعي، وما تكلم أحد بأن هناك دليل على وقوع مثل هذه الحوادث على أيدي من ينتسبون إلى الجماعات الإسلامية، فيصعب جداً أن يصدق أن جماعة كذا تفعل مثل هذا الفعل البشع، ويستبعد أن تقوم هذه الجماعة بإلقاء قنابل بهذه القوة وهذه الضخامة وتنفجر لتصيب من تصيب، وتقتل من تقتل بهذه الطريقة، فلا شك أن هذا لا يجوز بحال من الأحوال، وأن هذا من تسويل الشيطان، وأن هذا لا يمكن أن يصدر من إنسان صاحب دين وخوف من الله سبحانه وتعالى، وأن من فعلوا هذا بلا شك سيلقون الله سبحانه وتعالى بدماء هؤلاء الناس المسلمين الذين قتلوا في هذا الحادث، فتباً لشيطان التأويل، فهل يمكن أن جماعة إسلامية تستحل مثل هذا الفعل بتأويلات شيطانية وبحجج تحصيل بعض المكاسب السياسية؟! فأي مكاسب هذه؟! فإنه يشك شكاً شديداً أن يكون هذا مثل حوادث كثيرة، كحادثة تفجير سيارة الدكتور عمر بن عبد العزيز القرشي في القاهرة الذي أشارت الأصابع بقوة إلى الموساد أنه وراء مثل هذا الفعل، وكذلك ما حصل في حوادث كثيرة قبل ذلك كحادثة سينما أمير أو في أيام إسحاق نافون لما كان رئيساً لإسرائيل فهو الذي أرسل هؤلاء الناس ليفعلوا هذا الفعل؛ حتى ترتفع موجة الهجوم على التيار الإسلامي، واصطنعوا مثل هذه الحوادث من قبل في إحدى دور الخيالة في الإسكندرية، وهي حادثه مشهورة كانت في أواخر الخمسينيات أو أوائل الستينيات.
فالشاهد: أن مثل هذه الأشياء قد عهدناها من هؤلاء الناس لتحقيق مقاصدهم، أما أن يتصور أن المسلمين يقومون بهذا فهذا إن وقع فإلى الله سبحانه وتعالى المشتكى أن تصل الجرأة على اقتحام حرمات الله بمن ينتسبون للإسلام إلى هذه الصورة البشعة.