للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أنواع الكفر]

الكفر أنواع: كفر جحود، والجاحد كافر، وكفر بالرفض والإباء والاستكبار، مثل: كفر إبليس وفرعون واليهود، مع إقرارهم، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة:١٤٦].

{أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة:٨٧].

وكفر أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم كفر استكبار، وهو القائل: ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية ديناً لولا الملامة أو حذار سبة لوجدتني سمحاً بذاك مبيناً فحمله تعظيمه لآبائه وأجداده أن يشهد عليه بالكفر، وهؤلاء كلهم حملهم الإباء والاستكبار ما يشهد عليهم بالكفر.

إذاً: كفر إبليس ليس كما قال المؤلف: (أن من اعتقد ما ذكر، ولم ينطق لم يحقن دمه ولا ماله، وكان كإبليس) حيث أن كفر إبليس لم يكن بعدم النطق، بل إن كفره كان بالإباء والاستكبار، وعليه من أبى النطق وأنكر هذا يكون كافراً؛ لأن كفره عندئذ كفر جحود.

إذاً: قد يكون الكفر بالإباء والاستكبار، كمن نطق بالشهادتين، وهو يعرف هذا فرفض الذكر، أو رفض عن الانقياد والاتباع، ومن هذا الباب من أبى النطق بالشهادتين، فيكون كافراً؛ لأنه امتنع عن نطقه بالشهادتين.

والخلاصة: أن العبادات أنواع، منها: اعتقادية، ومنها: لفظية، وهي: النطق بكلمة التوحيد، فمن امتنع عن النطق بكلمة التوحيد مع القدرة على ذلك فإنه لا يكون مؤمناً؛ لأن الكفر يكون بالجحود، ويكون بالإباء والاستكبار، وإن كان مصدقاً فيكون بالشك، ويكون بالإعراض، فهذه أنواع الكفر، فكفر إبليس بالإباء والاستكبار، وكذلك كفر فرعون، وكفر اليهود كذلك بالإباء والاستكبار والرفض، فقد رفضوا أمر الله وأمر رسول الله، ولم ينقادوا لشرع الله ودينه، وكان كفرهم بالرفض والإباء والاستكبار، ولهذا قوله: (من اعتقد ما ذكر، ولم ينطق لم يحقن دمه وماله، وكان كإبليس، فإنه يعتقد التوحيد، بل ويقر به) كما أسلفنا عنه، لكنه أبى واستكبر، ولهذا قال: (إلا أنه لم يمتثل أمر الله بالسجود فكفر، ومن نطق بها ولم يعتقد حقن ماله ودمه وحسابه على الله، وحكمه حكم المنافقين) وهذا يسمى كفر النفاق: هو وكفر النفاق: أصل كفر الإباء والاستكبار، وكفر الإباء والاستكبار: أن يتكلم وينطق، لكن يمتنع من العمل ويرفض، وكفر النفاق: أن يعمل، لكنه مكذب في الباطن، وذلك مثل المنافقين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: يصلون ويحجون ويجاهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم كفار؛ لأنهم لم يصدقوا بقلوبهم.

إذاً: الكفر أنواع: كفر جحود وكفر وإباء واستكبار، وكفر نفاق، وكفر شك، وكفر إعراض، فالذي يشك في الله، أو في كتابه، أو في رسوله، أو في دينه، أو في الجنة، أو في النار، أو في الرسل، أو في الأنبياء، يكون كفره بالشك، وكذلك من يعرض عن دين الله، فلا يتعلمه ولا يعمل به، فكفره يكون كفراً بالإعراض، ومن أبى واستكبر ولو كان مقراً مصدقاً يكون كفره بالإباء والاستكبار، ومن جحد يكون كفره بالجحود، ومن عمل ولكنه مكذب في الباطن، فكفره يكون النفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>