وقول المؤلف: وقد ذكر العلماء: أن من تزيا بزي الكفار صار كافراً، هذا الأمر فيه تفصيل، فمجرد التزيي قد لا يبلغ به إلى درجة الكفر، أما إذا تزيا بزيهم تعظيماً لهم واستحل هذا التزيي وعظم دينهم فهذا كفر.
وأما من يعتقد كفرهم وبطلان دينهم ويعلم أنه عاصٍ بهذا التزيي، لكن لبسه من باب التساهل فلا يكفر، وهذا تفصيل المسألة وفيها خلاف لأهل العلم.
ومن تشبه بهم فقد أصابه حديث:(من تشبه بقوم فهو منهم) والتشبه بهم أقل أحواله التحريم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وإلا فظاهره الكفر، ولكن المراد أن التشبه والتزيي لا يكون كفراً إلا إذا انضم إليه اعتقاد أن دينهم حق، وتعظيم دينهم وما أشبه ذلك، وأما مجرد التزيي فقط من غير قصد تشبه ويعلم أن دينهم باطل، وهو مؤمن بالله، ويعتقد أن دين الإسلام هو الحق، وأنه عاص بفعله، وإنما وقع في هذا التزيي لهوىً، فهذا عاص.
قوله:(ومن تكلم بكلمة الكفر صار كافراً) كما سبق، فمن سب الله وسب الرسول صار كافراً، ومن تكلم بكلمة الكفر -أي: قاصداً لهذه الكلمة- فإنه يكفر، وأما من تكلم بكلمة الكفر ذاهلاً، أو جرت على لسانه بغير قصد، أو نائماً، أو هاذياً فلا يكفر، فكيف بمن بلغ هذه المرتبة اعتقاداً وقولاً وفعلاً ألا يكفر؟ أي: إذا كان الذي يتزيا بزي الكفار يكفر، والذي يتكلم بكلمة الكفر يكفر، فكيف بمن اعتقد أن صاحب القبر يستحق أن تصرف له أنواع العبادة؟ أو أمر بذلك، أو فعل ذلك، أو وقع في الشرك بقوله أو بفعله، ألا يكون أولى بالكفر من غيره؟