لا بأس أن يقول المسلم لآخر: ادع لي، لكن تركه أولى، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا تطلب من أحد أو لا تقل: ادع لي؛ لأن هذا مكروه، ولا ينبغي أن تحتاج لمخلوق أن يدعو الله لك، إلا إذا قصدت أن الملك يدعو لك؛ لأن من دعا لأخيه بظهر الغيب أجيب دعاؤه، كما جاء في الحديث:(وكل الله ملكاً يقول: ولك مثل ذلك)، فإذا قصدت بذلك أن تنتفع أنت بدعائه وينتفع هو بدعاء الملك فلك ذلك، وأما إذا قصدت نفع نفسك فقط فليس لك ذلك.
يقول ابن تيمية: لأنه لا ينبغي سؤال الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم بايع بعض الصحابة على ألا يسألوا الناس شيئاً، قال الراوي: وكان هؤلاء الرهط الذين بايعهم النبي صلى الله عليه وسلم يسقط سوط أحدهم وهو على الدابة فلا يقول لأحد: ناولنيه، بل ينزل ويأخذه حتى لا يحتاج لأحد بقوله: أعطني السوط.
وأنت ألا تقدر أن تدعو لنفسك؟ وبعض الناس تجده يسرف في هذا، وتجده دائماً يقول: يا فلان ادع لي، وادع لأولادي، فنقول لمثل هذا: ادع أنت لنفسك، فما الذي يمنعك من ذلك؟ فأنت أولى بالدعاء لنفسك من غيرك؛ لأنك عندما تدعو لنفسك يكون الدعاء عن نصح وإخلاص وصدق وحضور قلب، فلهذا دعاؤك لنفسك أولى من أن يدعو لك شخص آخر.
وفيه أيضاً سؤال للمخلوق والتفات إليه، وهذا يراه شيخ الإسلام مكروهاً وتركه أولى، إلا في حالة واحدة وهي: إذا قصدت أن تنتفع بدعائه لك، وهو ينتفع بدعاء الملك له، فإذا استحضرت هذا زالت الكراهة، وإلا فهو مكروه، هكذا رأى شيخ الإسلام رحمه في كتابه الوسيلة، وكلما كان الإنسان يستغني عن الناس بنفسه فهو أولى، إلا من يسرّه ذلك منه كأن يكون ولداً أو زوجة أو تلميذاً له يسره أن يخدمه فلا بأس.
وأما بعض الناس فتجده يؤذي غيره، فدائماً يقول لهم: ادع لي، وكلما غفلت يقول لك: ادع لي يا فلان، وتجد بعض الناس وهو جالس دائماً يقول: يا فلان أعطني كذا، أعطني الماء، أعطني العصا، فإذا أعطيته ما طلبه قال: أعطني الحذاء، فإذا أعطيته طلب شيئاً آخر وهكذا، وهو جائز، لكن تركه أفضل.
فلا ينبغي للإنسان أن يسأل الناس لغير ما حاجة، أو يحرجهم، وكلما كان التقليل من سؤال الناس والحاجة إليهم فهو أولى، ومن ذلك طلب الدعاء فلا يكثر الإنسان منه؛ لأنه إيذاء للناس وميل بالقلب إليهم.