للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من ذرائع الشرك بناء القباب والمشاهد]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه غالب -بل كل من يعمرها- هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزروه الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات من دون توسل به ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم، فيأتي من بعدهم فيجد قبراً قد شيد عليه البناء، وسرجت عليه الشموع، وفرش بالفراش الفاخر، وأرخيت عليه الستور، وألقيت عليه الأوراد والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضرر، وبفلان النفع؛ حتى يغرسوا في جبلته كل باطل.

ولهذا الأمر ثبت في الأحاديث النبوية اللعن على من أسرج على القبور وكتب عليها وبنى عليها، وأحاديث ذلك واسعة معروفة، فإن ذلك في نفسه منهي عنه، ثم هو ذريعة إلى مفسدة عظيمة].

يقول المؤلف رحمه الله: هذه القباب والمشاهد التي بنيت على القبور هي أعظم ذريعة للشرك والإلحاد، بل إن الشرك وقع في بعضهم لما بنيت القباب والمشاهد، فذبح لها بعض الناس ونذر لها وطاف بها، يقول: فهي أكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه؛ لأنها من وسائل الشرك، فغالب بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء الوثنيون الجهلة الظلمة والولاة، إما على قريب لهم يبنون عليه، أو على من يحسنون الظن فيه من فاضل -يعني: صاحب القبر-، أو عالم أو صوفي أو فقير، والفقير هذا مصطلح عند الصوفية يسمونه الفقير، أو شيخ أو كبير، ويزوره الناس الذين يعرفون زيارة الأموات، يعني: يزورونه زيارة شرعية، فيدعون له ويترحمون عليه، ويتذكرون الآخرة من دون توسل به ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، فهذه هي الزيارة الشرعية حتى ينقرض من يعرفها أو أكثرهم، فيأتي من بعدهم فيقع في الشرك، يعني: الأولون زاروه زيارة شرعية، ثم يأتي من بعدهم فيجد وسائل الشرك فتغريه إلى الشرك، فيجد من بعدهم قبراً قد شيد عليه البناء، وهذا من وسائل الشرك المؤدية إلى الاستغاثة به، فتسرج عليه الشموع ويفرش بالفراش الفاخر، وأرخيت عليه الستور، وألقيت عليه الأوراد والزهور، فيعبدونه لأنهم يعتقدون أنه ما أسرجت عليه السرج، ووضعت الورود والرياحين عليه إلا لأنه ينفع ويضر، فيقعون في الشرك.

فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السدنة -السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وكذا وفعل- بالقصص أنه فعل كذا وأنه دعاه فلان فأجاب دعاءه وجاءه فلان فحصل له كذا، فيأتون بالقصص التي يكذبون بها على الميت حتى يغروا الناس بالشرك، وأنزل بفلان الضرر، وبفلان النفع، يقول: حتى يغرسوا في جبلته كل باطل، ولهذا الأمر ثبتت الأحاديث النبوية باللعن على من أسرج على القبور.

كحديث: (لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) فاتخاذ المساجد على القبور والسرج وسيلة إلى الشرك، وأحاديث ذلك واسعة معروفة، فإن ذلك كله منهي عنه، ثم هو ذريعة إلى مفسدة عظيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>