هاتان أيضاً شبهتان من سلسلة الشبهات التي يذكرها المؤلف، فإن قلت: القبوريون وغيرهم من الذين يعتقدون في فسقة الناس وجهالهم من الأحياء يقولون: نحن لا نعبد هؤلاء، ولا نعبد إلا الله وحده، ولا نصلي لهم، ولا نصوم ولا نحج.
يعني: أن القبوريين الذي يعبدون القبور يقولون: نحن لا نعبد القبور، وهذا أيضاً هو قول من يعتقد في الفسقة الأحياء، يقولون: نحن لا نعبدهم، نحن لا نعبد إلا الله، ولا نصلي إلا لله، ولا نصوم إلا لله، ولا نحج إلا لله، فكيف تجعلوننا مثل عباد الأصنام؟ قال المؤلف: هذا جهل بمعنى العبادة؛ لأن العبادة ليست منحصرة في الصلاة والصيام والحج، إنما العبادة أنواع كثيرة، فمنها: الدعاء، والذبح، والنذر، والاعتقاد، أي: إذا اعتقدتم أنه يجوز أن يصرف لهم أيُّ نوع من أنواع العبادة فهذا كفر حتى ولو صليتم وحججتم لن تنفعكم هذه العبادات؛ لأن الصلاة والزكاة والصوم والحج لا تنفع أحداً من فاعليها إذا وجد ناقض من نواقض الإسلام.
فالمؤلف يقول هذا جهل منكم بمعنى العبادة.
يقول المؤلف: وقد حصل في قلوبهم ذلك، أي: حصل في قلوبهم أن صاحب القبر يستحق أن تصرف له العبادة، بل يسمونه معتقداً، أي: يسمون صاحب القبر معتقداً، ويصنعون له ما سمعت مما تفرع عن الاعتقاد، ولولا أنهم يعتقدون أنه يستحق العبادة لما دعوه من دون الله، ولما توسلوا، واستغاثوه واستعانوه وحلفوا به، ونذروا له.