[حقن دم المسلم وماله حتى تتبين مخالفته لما التزمه من التوحيد]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن قلت: قد أنكر صلى الله عليه وسلم على أسامة قتله لمن قال لا إله إلا الله كما هو معروف في كتب الحديث والسير.
قلت: لاشك أن من قال: لا إله إلا الله من الكفار حقن دمه وماله، حتى يتبين منه ما يخالف ما قاله، ولذا أنزل الله في قصة محلم بن جثامة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}[النساء:٩٤]، فأمرهم الله تعالى بالتثبت في شأن من قال كلمة التوحيد، فإن التزم بمعناها كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وإن تبين خلافه لم يحقن دمه وماله بمجرد التلفظ].
وهذه من شبه القوم، يقول أحدهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على أسامة قتله لمن قال: لا إله إلا الله، فكيف ينكر عليه قتله لكافر قال: لا إله إلا الله؟ فقال المؤلف:
الجواب
إن من قال: لا إله إلا الله من الكفار حقن دمه وماله حتى يتبين منه ما يخالف ما قاله، يعني: إذا تكلم بكلمة التوحيد وكان لا يقولها في كفره حكم بإسلامه، ثم بعد ذلك ينظر: فإن التزم بالإسلام فالحمد لله، وإن فعل ما يخالف التوحيد قتل مرتداً، كما قال المؤلف: حتى يتبين له ما يخالف ما قاله من التوحيد، ولذلك أنزل الله في قصة محلم بن جثامة هذه الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}[النساء:٩٤]، وذلك أنه مر بالصحابة فسلم عليهم، أو قال: لا إله إلا الله فقتلوه، فأنكر الله عليهم بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}[النساء:٩٤]، فأمرهم الله بالتثبت في شأن من قال كلمة التوحيد، فإن التزم بمعناها كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وإن تبين خلافه لم يحقن دمه وماله بمجرد التلفظ بها، وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية: أنه لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غنيمته؛ فنزلت هذه الآية:{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[النساء:٩٤] وهي تلك الغنيمة، رواه البخاري، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وعن سفيان.