للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كلمة التوحيد عاصمة لدم قائلها ما لم يأت بناقض]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يحلف باللات، فأمره أن يقول: لا إله إلا الله.

وهذا يدل على أنه ارتد بالحلف بالصنم، فأمره أن يجدد إسلامه فإنه قد كفر بذلك، كما قررناه في (سبل السلام شرح بلوغ المرام) وفي (منحة الغفار)، فإن قلت: لا سواء؛ لأن هؤلاء قد قالوا لا إله إلا الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها).

وقال لـ أسامة بن زيد: (لم قتلته بعدما قال لا إله الله)؟ وهؤلاء يصلون ويصومون ويزكون ويحجون، بخلاف المشركين.

قلت: قد قال صلى الله عليه وسلم: (إلا بحقها) وحقها إفراد الإلهية والعبودية لله تعالى، والقبوريون لم يفردوا الإلهية والعبادة، فلم تنفعهم كلمة الشهادة، فإنها لا تنفع إلا مع التزام معناها، كما لم ينفع اليهود قولها؛ لأنكارهم بعض الأنبياء.

وكذلك من جعل غير من أرسله الله نبياً لم تنفعه كلمة الشهادة، ألا ترى أن بني حنيفة كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون، ولكنهم قالوا إن مسيلمة نبي؛ فقاتلهم الصحابة وسبوهم، فكيف بمن يجعل للولي خاصة الإلهية ويناديه للمهمات؟ وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حرق أصحاب عبد الله بن سبأ، وقد وكانوا يقولون: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكنهم غلوا في علي رضي الله عنه، واعتقدوا فيه ما يعتقد القبوريون وأشباههم، فعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أحداً من العصاة، فحفر لهم الحفائر، وأجج لهم النيران، ألقاهم فيها ثم قال: لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبرا وقال الشاعر في عصره: لترم بي المنية حيث شاءت إذا لم ترم بي في الحفرتين إذا ما أججوا فيهن ناراً رأيت الموت نقداً غير دين والقصة في (فتح الباري) وغيره من كتب الحديث والسير، وقد وقع إجماع الأمة على أن من أنكر البعث كفر وقتل ولو قال: لا إله إلا الله، فكيف بمن يجعل لله نداً؟].

<<  <  ج: ص:  >  >>