للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إثبات العمل بمقتضى الاجتهاد في تحقيق المناط، حيث لا فرق في ذلك - عندهم- بين ثبوت المناط بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط (١)، إلا أن الحنفية لم يصطلحوا على تسميته بـ " تحقيق المناط " مع إثبات العمل بمقتضاه والاحتجاج به (٢).

وقد يُتَصَوَّر الخلاف مع نفاة القياس - كالظاهرية - في صحة العمل به إذا كان المناط عِلَّةً ثبتت بالاستنباط، وذلك بناءً على ما ذهبوا إليه من إبطال تعليل الأحكام (٣).

قال الآمدي: " ولا نعرف خلافاً في صحة الاحتجاج بتحقيق المناط إذا كانت العِلَّة فيه معلومةً بنصٍّ أو إجماع، وإنما الخلاف فيه إذا كان مُدْرَك معرفتها الاستنباط " (٤).

ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأنه لا اعتبار لخلاف الظاهرية في أصل العمل بالقياس، سواءً ثبتت عِلَّته بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط، وقد استقرَّ بحث الأصوليين على القول بتعليل الأحكام، والعمل بالقياس الصحيح، ولا عبرة بقول المخالف في ذلك؛ لكثرة الأدلة المتظافرة على إثبات التعليل في أحكام الشرع، وحجية دليل القياس (٥).

وإذا ثبت تعليل الأحكام - كما تقدَّم (٦) - فإن كثيراً من العِلَل والمعاني التي أنيطت بها الأحكام الشرعيَّة وجوداً وعدماً غير منصوصٍ أو مُجْمَعٍ عليها، فتُدْرَك حينئذٍ بمسلكٍ من المسالك الاجتهادية المُعْتَبرة، والقول بعدم جواز


(١) ينظر: المستصفى (٣/ ٤٩١)، الإحكام للآمدي (٢/ ٣٧٩)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٥٧)، التلويح شرح التوضيح (٢/ ١٦٢ - ١٦٣)، التحبير شرح التحرير (٧/ ٣٤٥٣ - ٣٤٥٤)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٢٠٠ - ٢٠١).
(٢) ينظر: التقرير والتحبير (٣/ ١٩٣)، تيسير التحرير (٤/ ٤٣)، فواتح الرحموت (٢/ ٣٥٠).
(٣) ينظر: الإحكام لابن حزم (٨/ ٩٧ وما بعدها).
(٤) الإحكام: (٣/ ٣٨٠).
(٥) ينظر: المستصفى (٣/ ٤٩٤)، المحصول (٥/ ٢٦)، الإحكام للآمدي (٤/ ٩)، شرح تنقيح الفصول (٣٨٥)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ١٦)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٢١٥)، تيسير التحرير (٤/ ١٠٦).
(٦) ينظر: (١٥٤ - ١٥٥).

<<  <   >  >>