للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" الفهمَ الفهمَ فيما أُدلي إليك مما ليس في قرآنٍ ولا سُنَّة, ثم قِس الأمور عند ذلك, واعرف الأمثال والأشباه , ثم اعمد فيها إلى أحبِّها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق" (١).

والمقايسة عبارةٌ عن إلحاق ماليس فيه نصٌّ بما فيه نصٌّ لجامعٍ مشتركٍ بينهما, وهذا الإلحاق تصرُّفٌ اجتهاديٌّ مبنيٌّ على أدلةٍ شرعيَّةٍ مُعتبَرةٍ ثبت معها -عند المجتهد- الاستواء بين الفرع والأصل في عِلَّة الحُكْم , وهو اجتهادٌ في موجِب الكتاب والسُنَّة والإجماع (٢).

والقياس تصرُّفٌ اجتهاديٌّ يدخل في قوله رضي الله عنه: " أجتهدُ رأيي" , وقد نسبه إلى فعله , فدلَّ ذلك على أنه فعل المجتهد باعتباره مُظْهِراً للحُكْم لا دليلاً مستقلاً بذاته.

- إن ثمرة القياس هي ثبوت مثل حُكْم الأصل في الفرع , وذلك لاشتراكهما في عِلَّة الحُكْم , وهذا يستلزم إثباتَ عِلَّة الحُكْم في الأصل أوَّلاً , ثم إثبات وجودها في الفرع ثانياً , ولايتم ذلك إلا بالاجتهاد الذي يتبيَّن به القائسُ ثبوتَ الاشتراك في العِلَّة بين الأصل والفرع.

ولهذا نلحظ المهرة من الأصوليين كالبيضاوي , وابن السُّبكي , في تعريفهم للقياس " يعلِّلون الإثبات أو الحمل بما هو الدليل في الحقيقة , وهو المساواة في العِلَّة " (٣).

وبناءً على ذلك فإن من أدقِّ التعريفات للقياس أن يقال هو: " إثباتُ مثلِ حُكْمِ معلومٍ لمعلومٍ آخر لأجل اشتراكهما في عِلَّة الحُكْم عند المُثْبِت" (٤).

فقوله: "إثبات" يراد به المُشترَك بين العلم والظنِّ والاعتقاد؛ لأنَّا إذا


(١) سبق تخريجه: (٢٢٩).
(٢) ينظر: التبصرة للشيرازي (٤٢٦).
(٣) نبراس العقول: (١/ ٣١ - ٣٢).
(٤) ينظر: شرح تنقيح الفصول (٣٨٣) , نهاية السول (٢/ ٤) , الإبهاج (٣/ ٣).

<<  <   >  >>