للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافٌ في المسألة، فإن خالف بعضهم؛ فالمسألة اجتهادية" (١).

وقال: " أما إذا عُلِم أن الموضع موضع اجتهادٍ لا يفتقر إلى ذينك الأمرين؛ فهم ومَنْ سواهم فيه شَرَعَ سواء؛ كمسألة العَوْل، والوضوء من النوم، وكثيرٍ من مسائل الرِّبا التي قال فيها عمر بن الخطاب: "مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبيِّن لنا آية الرِّبا؛ فدعوا الرِّبا والريبة" (٢)، أو كما قال؛ فمثل هذه المسائل موضع اجتهادٍ للجميع لا يختصُّ به الصحابة دون غيرهم من المجتهدين" (٣).

والصحابي في مذهبه قد يستند إلى القياس ,أو المصلحة المرسلة, أو العُرْف, أو سدِّ الذرائع ,ونحو ذلك من طرق الاجتهاد الأخرى , والذي يخصُّ هذا الموضع من البحث هو مذهب الصحابي الذي استند فيه إلى القياس.

ثانياً: قول الصحابي يُعْتَبر من مسالك تحقيق المناط كما تقدَّم (٤) ,فقد يدلَّ قول الصحابي على ثبوت مناط الحُكْم في بعض أفراده.

ثالثاً: قول الصحابي إذا ثبت فإنه مقدَّمٌ على العمل بالأقيسة؛ لأن قول الصحابي أعلى في الرتبة من القياس , والأخذ بأقوى الدليلين متعيِّن (٥).

قال الشافعي: " العلم طبقاتٌ شتى , الأولى: الكتاب والسُّنَّة إذا ثبتت السُّنَّة , ثم الثانية: الإجماع فيما ليس فيه كتابٌ ولا سُنَّة, والثالثة: أن يقول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قولاً, ولا نعلم له مخالفاً منهم, والرابعة: اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والخامسة: القياس على بعض الطبقات, ولا يُصَار إلى شيءٍ غير الكتاب والسُّنَّة وهما موجودان, وإنما يؤخذ العلم من أعلى" (٦).


(١) الموافقات: (٤/ ١٢٨).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١/ ٣٦) , وابن ماجه في "سننه",كتاب التجارات , باب التغليظ في الرِّبا,
رقم (٢٢٧٦).
(٣) الموافقات: (٤/ ١٣٤).
(٤) ينظر: (٢٦٥).
(٥) ينظر: أصول السرخسي (٢/ ١١٠ - ١١١) ,إعلام الموقعين (٦/ ٣٩ - ٤٠).
(٦) الأم: (٧/ ٢٨٠).

<<  <   >  >>