للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجماع, وتعمُّد القيء , والمعاصي، وما علمنا أكلاً، ولا شربًا يكون على دُبُرٍ أو إحليلٍ أو أُذُنٍ أو عينٍ أو أنفٍ، أو من جرحٍ في البطن، أو الرأس! ! وما نُهينا قط عن أن توصل إلى الجوف - بغير الأكل والشرب - ما لم يحرم علينا إيصاله" (١).

وقال ابن تيمية: "وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله ومداواة المأمومة والجائفة فهذا مما تنازع فيه أهل العلم , فمنهم من لم يُفَطِّر بشيءٍ من ذلك , ومنهم من فَطَّر بالجميع لا بالكحل , ومنهم من فَطَّر بالجميع لا بالتقطير , ومنهم من لم يُفَطِّر بالكحل ولا بالتقطير , ويُفَطِّر بما سوى ذلك , والأظهر أنه لا يفطر بشيءٍ من ذلك. . . " (٢).

ثم ساق عدة أوجهٍ تؤيد ذلك من أهمها:

١ - إن إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحاً , وذلك إما قياس عِلَّةٍ بإثبات الجامع , وإما بإلغاء الفارق , فإما أن يدل دليلٌ على العِلَّة في الأصل فيُعدَّى بها إلى الفرع , وإما أن يُعلَم أن لا فارق بينهما من الأوصاف المُعْتَبرة في الشرع , وهذا القياس هنا منتفٍ, وذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المُفَطِّر الذي جعله الله ورسوله مُفَطِّراً هو ما كان واصلاً إلى دماغٍ أو بدنٍ أو ما كان داخلاً من منفذٍ أو واصلاً إلى الجوف, ونحو ذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحُكْم عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , ويقولون إن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنما جعلا الطعام والشراب مُفَطِّراً لهذا المعنى المشترك من الطعام والشراب , ومما يصل إلى الدماغ والجوف من دواء المأمومة والجائفة , وما يصل إلى الجوف من الكحل ومن الحقنة والتقطير في الإحليل ونحو ذلك, وإذا لم يكن على تعليق الله ورسوله للحُكْم بهذا الوصف دليلٌ كان قول القائل: إن الله ورسوله إنما جعلا هذا مُفَطِّراً لهذا قولاً بلا علم , وكان قوله: " إن الله حرَّم على الصائم أن يفعل هذا " قولاً بأن


(١) المحلى: (٤/ ٣٤٨).
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية: (٢٥/ ٢٣٣ - ٢٣٤).

<<  <   >  >>