للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان المراد الخطّاب الذين يخطبونهن بعد انقضاء العدة فهم أزواجهن باعتبار المستقبل؛ وقد جاء التعبير عن الماضي، والمستقبل في القرآن، كقوله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم} [النساء: ٢] مع أنهم حين إتيان المال قد بلغوا؛ فهذا تعبير عن الماضي؛ وقوله تعالى: {إني أراني أعصر خمراً} [يوسف: ٣٦] وهو لا يعصر الخمر؛ ولكن يعصر عنباً يكون خمراً؛ فهذا تعبير عن المستقبل.

٥ - ومن فوائد الآية: اعتبار الرضا في عقد النكاح سواء كان من الزوج، أو من الزوجة؛ لقوله تعالى: {إذا تراضوا بينهم بالمعروف}؛ فالرضا شرط لصحة النكاح سواء أكانت المرأة بكراً، أم ثيباً؛ وسواء أكان الولي أباها، أم غيره - على القول الراجح -؛ وأنه ليس للأب، ولا لغيره أن يجبر المرأة على النكاح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر؛ ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: كيف إذنها يا رسول الله؟ قال: أن تسكت» (١)؛ وورد في صحيح مسلم: «البكر يستأذنها أبوها» (٢)؛ وهذا صريح في أنه لا يحل لأحد أن يزوج ابنته وهي كارهة؛ بل لا بد من رضاها؛ والمعنى يقتضيه أيضاً؛ لأنه إذا كان الأب لا يملك أن يبيع شيئاً من مالها إلا برضاها، فكيف يملك أن يزوجها بدون رضاها؟! فلو أن رجلاً أكره ابنته أن تشتري هذا البيت


(١) أخرجه البخاري ص ٤٤٤، كتاب النكاح، باب ٤٢: لا ينكح الأب وغيره البكر ... ، حديث رقم ٥١٣٦؛ وأخرجه مسلم ص ٩١٤، كتاب النكاح، باب ٩: استئذان الثيب ... ، حديث رقم ٣٤٧٣ [٦٤] ١٤١٩.
(٢) أخرجه مسلم ص ٩١٤، كتاب النكاح، باب ٩: استئذان الثيب ... ، حديث رقم ٣٤٧٧ [٦٧] ١٤٢١.