للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - ومنها: أن فضل الله يؤتيه من يشاء؛ حتى خواص عباده يفضل بعضهم على بعض؛ لأن الرسل هم أعلى أصناف بني آدم، ومع ذلك يقع التفاضل بينهم بتفضيل الله.

ويتفرع عليها فائدة أخرى: أن الله يفضل أتباع الرسل بعضهم على بعض، كما قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [آل عمران: ١١٠]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني» (١)؛ كما أن من كان من الأمم أخلص لله، وأتبع لرسله فهو أفضل ممن دونه من أمته؛ لأن الرسل إذا كانوا يتفاضلون فأتباعهم كذلك يتفاضلون؛ فإن قلت: كيف نجمع بين هذه الآية المثبتة للتفاضل بين الرسل؛ وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تخيروني على موسى» (٢)، ونهيه صلى الله عليه وسلم أن يفاضل بين الأنبياء؟

فالجواب: أن يقال: في هذا عدة أوجه من الجمع؛ أحسنها أن النهي فيما إذا كان على سبيل الافتخار والتعلِّي: بأن يفتخر أتباع محمد صلى الله عليه وسلم على غيرهم، فيقولوا: «محمد أفضل من موسى» مثلاً؛ أفضل من عيسى؛ وما أشبه ذلك؛ فهذا منهي عنه؛ أما إذا كان على سبيل الخبر فهذا لا بأس به؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» (٣).

٣ - ومن فوائد الآية: إثبات الكلام لله عزّ وجلّ؛ لقوله


(١) سبق تخريجه ٣/ ٣٥.
(٢) أخرجه البخاري ص ١٨٩، كتاب الخصومات، باب ١: ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلم واليهودي، حديث رقم ٢٤١١، وأخرجه مسلم ص ١٠٩٥، كتاب الفضائل، باب ٤٢: من فضائل موسى، حديث رقم ٦١٥٣ [١٦٠] ٢٣٧٣.
(٣) سبق تخريجه ١/ ١١٨.