تعالى:{منهم من كلم الله}؛ وكلام الله عزّ وجلّ عند أهل السنة، والجماعة من صفاته الذاتية الفعلية؛ فباعتبار أصله من الصفات الذاتية؛ لأنه صفة كمال؛ والله عزّ وجلّ موصوف بالكمال أزلاً، وأبداً؛ أما باعتبار آحاده - أنه يتكلم إذا شاء - فهو من الصفات الفعلية؛ لأنه يتعلق بمشيئته. قال الله تعالى:{إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}[يس: ٨٢]، وقال تعالى:{ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}[الأعراف: ١٤٣]؛ حصل الكلام بعد مجيئه لميقات الله؛ ولهذا حصل بينهما مناجاة:{قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني}[الأعراف: ١٤٣]؛ فقال تعالى:{لن تراني} بعد أن قال موسى: {رب أرني أنظر إليك}؛ هذا هو الحق في هذه المسألة؛ وزعمت الأشاعرة أن كلام الله عزّ وجلّ هو المعنى النفسي - أي المعنى القائم بنفسه -؛ وأما ما يسمعه المخاطب به فهو أصوات مخلوقة خلقها الله عزّ وجلّ لتعبر عما في نفسه؛ وقد أبطل شيخ الإسلام هذا القول من تسعين وجهاً في كتاب يسمى بـ «التسعينية».
٤ - ومن فوائد الآية: أن كلام الله للإنسان يعتبر رفعة له؛ لأن الله تعالى ساق قوله:{منهم من كلم الله} على سبيل الثناء، والمدح.
ومنه يؤخذ علوّ مقام المصلي؛ لأنه يخاطب الله عزّ وجلّ، ويناجيه كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا قال المصلي: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله:«حمدني عبدي»؛ وإذا قال المصلي:{الرحمن الرحيم} قال الله: «أثنى عليّ عبدي»(١) إلى آخر