الذين آمنوا لإيمانكم افعلوا كذا، وكذا، مثل ما تقول للحث، والإغراء: يا رجل افعل كذا، وكذا؛ أي لأن ذلك من مقتضى الرجولة.
{٢٥٤} قوله تعالى: {أنفقوا مما رزقناكم} الإنفاق بمعنى البذل؛ والمراد به هنا بذل المال في طاعة الله؛ و {مما رزقناكم} أي مما أعطيناكم؛ «من» يحتمل أن تكون بيانية؛ أو تبعيضية؛ والفرق بينهما أن البيانية لا تمنع من إنفاق جميع المال؛ لأنها بيان لموضع الإنفاق؛ والتبعيضية تمنع من إنفاق جميع المال؛ وبناءً على ذلك لا يمكن أن يتوارد المعنيان على شيء واحد لتناقض الحكمين.
قوله تعالى:{من قبل أن يأتي يوم} المراد به يوم القيامة؛ {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة}؛ ثلاثة أشياء منتفية؛ وهي «البيع»؛ وهو تبادل الأشياء؛ و «الخلة»؛ وهي أعلى المحبة؛ و «الشفاعة»؛ وهي الوساطة لدفع الضرر، أو جلب المنفعة؛ وفي الآية قراءتان؛ إحداهما ما في المصحف: بالضم، والتنوين:{لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة}؛ و {لا} على هذه القراءة ملغاة إعراباً؛ لأنها متكررة؛ والقراءة الثانية البناء على الفتح؛ وعلى هذه القراءة تكون {لا} عاملة عمل «إنّ»؛ لكن بالبناء على الفتح؛ لا بالتنوين.
وإنما قال سبحانه وتعالى:{لا بيع}؛ لأن عادة الإنسان أن ينتفع بالشيء عن طريق البيع، والشراء؛ فيشتري ما ينفعه، ويبيع ما يضره؛ لكن يوم القيامة ليس فيه بيع.