للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسان بالشيء بواسطة الصداقة؛ و «الخُلة» بالضم: أعلى المحبة؛ وهي مشتقة من قول الشاعر:

(قد تخللتِ مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلاً)

يعني أن حبها دخل إلى مسالك الروح، فامتزج بروحه، فصار له كالحياة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر» (١)؛ ولكنه صلى الله عليه وسلم) اتخذه حبيباً. قيل له: من أحب النساء إليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «عائشة»؛ قيل: ومن الرجال؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أبوها» (٢)؛ فأثبت المحبة؛ وكان أسامة بن زيد يسمى «حِب رسول الله» أي حبيبه؛ إذاً الخلة أعلى من المحبة.

فانتفت المعاوضة في هذا اليوم؛ وانتفت المحاباة بواسطة الصداقة؛ وانتفى شيء آخر: الشفاعة؛ وهي الإحسان المحض من الشافع للمشفوع له - وإن لم يكن بينهما صداقة -؛ فقال تعالى: {ولا شفاعة}؛ فنفى الله سبحانه وتعالى كل الوسائل التي يمكن أن ينتفع بها في هذا اليوم.

قوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون}؛ أي أن الكافرين بالله هم الظالمون الذين ظلموا أنفسهم، وحصر الظلم فيهم لعظم ظلمهم، كما قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان: ١٣]؛


(١) أخرجه البخاري ص ٣٩، كتاب الصلاة، باب ٨٠: الخوخة والممر في المسجد، حديث رقم ٤٦٦؛ وأخرجه مسلم ص ١٠٩٧، كتاب فضائل الصحابة، باب ١: من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حديث رقم ٦١٧٠ [٢] ٢٣٨٢.
(٢) أخرجه البخاري ص ٢٩٨، كتاب المناقب، باب، حديث رقم ٣٦٦٢؛ أخرجه مسلم ص ١٠٩٨، كتاب فضائل الصحابة، باب ١ من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حديث رقم ٦١٧٧ [٨] ٢٣٨٤.