طل - والجملة جواب الشرط؛ والمعنى: فإن لم يصبها المطر الشديد أصابها طل - وهو المطر الخفيف، ويكفيها عن المطر الكثير؛ لأنها في أرض خصبة مرتفعة بينة للشمس، والهواء؛ والمثل منطبق: فقد شبه هذا الذي ينفق ماله ابتغاء مرضات الله، وتثبيتاً من نفسه بهذه الجنة.
وهل المشبه نفس الرجل أو النفقة؟ الجواب: المشبه هو النفقة؛ ولهذا قال بعضهم: إن التقدير: «مَثَل إنفاق الذين ينفقون أموالهم كمثل جنة»؛ ويحتمل أن التقدير:«كمثل صاحب جنة»؛ فيكون المشبه «المنفِق» لا «الإنفاق»؛ وقال بعضهم: لا حاجة إلى التقدير للعلم به من السياق، وأن هذا من بلاغة القرآن، حيث طوى ذكر الشيء لدلالة السياق عليه.
قوله تعالى:{والله بما تعملون بصير}: قدم الجار والمجرور - وهو متعلق بـ {بصير} - لإفادة الحصر، ومراعاة الفواصل؛ والحصر هنا إضافي للتهديد؛ لأن الله بصير بما نعمل، وبغيره.
وهل {بصير} هنا من البصر بالعين؛ أو من العلم؟ الجواب: كونه من العلم أحسن ليشمل ما نعمله من الأقوال؛ فإن الأقوال تسمع، ولا تُرى؛ وليشمل ما في قلوبنا؛ فإن ما في قلوبنا لا يُسمع، ولا يُرى؛ وإنما يعلم عند الله عز وجل، كما قال تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه}[ق~: ١٦].
الفوائد:
١ - من فوائد الآية: أنه لا إنفاق نافع إلا ما كان مملوكاً للإنسان؛ لقوله تعالى:{أموالهم}؛ فلو أنفق مال غيره لم يقبل منه إلا أن يكون بإذن من الشارع، أو المالك.