للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائل: عندي مال محرم لكسبه، وأريد أن أتصدق به فهل ينفعني ذلك؟

فالجواب: إن أنفقه للتقرب إلى الله به: لم ينفعه، ولم يسلم من وزر الكسب الخبيث؛ والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً» (١)؛ وإن أراد بالصدقة به التخلص منه، والبراءة من إثمه: نفعه بالسلامة من إثمه، وصار له أجر التوبة منه - لا أجر الصدقة.

ولو قال قائل: عندي مال اكتسبته من ربا فهل يصح أن أبني به مسجداً، وتصح الصلاة فيه؟

فالجواب: بالنسبة لصحة الصلاة في هذا المسجد هي صحيحة بكل حال؛ وبالنسبة لثواب بناء المسجد: إن قصد التقرب إلى الله بذلك لم يقبل منه، ولم يسلم من إثمه؛ وإن قصد التخلص سلم من الإثم، وأثيب - لا ثواب باني المسجد - ولكن ثواب التائب.

٢ - ومن فوائد الآية: بيان ما للنية من تأثير في قبول الأعمال؛ لقوله تعالى: {ابتغاء مرضات الله}.

٣ - ومنها: اشتراط الإخلاص لقبول الأعمال؛ لقوله تعالى: {ابتغاء مرضات الله}.

٤ - ومنها: أن الإنفاق لا يفيد إلا إذا كان على وفق الشريعة؛ لقوله تعالى: {ابتغاء مرضات الله}؛ وجه ذلك أن من ابتغى شيئاً فإنه لا بد أن يسلك الطريق الموصل إليه؛ ولا طريق يوصل إلى مرضات الله إلا ما كان على وفق شريعته في الكم، والنوع، والصفة؛ كما قال تعالى في الكم: {والذين إذا أنفقوا


(١) سبق تخريجه ٢/ ٢٤٧.