للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبين لك العدل في الشريعة الإسلامية؛ لأن العامل على الزكاة لو قصد الكرائم من الأموال صار في هذا إجحاف على أهل الأموال؛ ولو قصد الرديء صار فيه إجحاف على أهل الزكاة؛ فصار الواجب وسطاً؛ لا نلزم صاحب المال بإخراج الأجود؛ ولا نمكنه من إخراج الأردأ؛ بل يخرج الوسط.

١٢ - ومنها: الإشارة إلى قاعدة إيمانية عامة؛ وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (١)؛ ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى قال: {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه}؛ فالإنسان لا يرضى بهذا لنفسه فلماذا يرضاه لغيره؟!! فإذا كنت أنت لو أُعطيت الرديء من مال مشترك بينك وبين غيرك ما أخذته إلا على إغماض، وإغضاء عن بعض الشيء؛ فلماذا تختاره لغيرك، ولا تختاره لنفسك؟!! وهذا ينبغي للإنسان أن يتخذه قاعدة فيما يعامل به غيره؛ وهو أن يعامله بما يحب أن يعامله به؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر؛ وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه» (٢)، هذه قاعدة في المعاملة مع الناس؛ ومع الأسف الشديد أن كثيراً من الناس اليوم لا يتعاملون فيما بينهم على هذا الوجه؛ كثير من الناس يرى أن المكر غنيمة، وأن الكذب غنيمة.

١٣ - ومن فوائد الآية: إثبات القياس؛ وذلك لقوله تعالى:


(١) أخرجه البخاري ص ٣، كتاب الإيمان، باب ٧: من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، حديث رقم ١٣.
(٢) أخرجه مسلم ص ١٠٠٩، كتاب الإمارة، باب ١٠: وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول، حديث رقم ٤٧٧٣ [٤٤] ١٨٤٢.