قراءتان في قوله تعالى:{فتذكر}: تخفيف الكاف: {فتذْكِرَ}، وتشديدها:{فتذَكِّرَ}؛ مع فتح الراء فيهما؛ والقراءة الثالثة: بكسر همزة {إن} مع ضم الراء في قوله تعالى: {فتذكِّرُ}، وتشديد الكاف.
وقوله تعالى:{فتذكر إحداهما الأخرى} من التذكير؛ وهو تنبيه الإنسان الناسي على ما نسي؛ ومن غرائب التفسير أن بعضهم قال:{فتذكر} معناه تجعلها بمنزلة الذَّكَر - لا سيما على قراءة التخفيف؛ أي تكون المرأتان كالذَّكَر؛ وهذا غريب؛ لأنه لا يستقيم مع قوله تعالى:{أن تضل إحداهما} فالذي يقابل الضلال بمعنى النسيان: التذكير - أي تنبيه الإنسان على نسيانه.
وفي قوله تعالى:{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} من البلاغة: إظهار في موضع الإضمار؛ لأنه لم يقل: فتذكرها الآخرى؛ لأن النسيان قد يكون متفاوتاً، فتنسى هذه جملة، وتنسى الأخرى جملة؛ فهذه تذكر هذه بما نسيت؛ وهذه تذكر هذه بما نسيت؛ فلهذا قال تعالى:{فتذكر إحداهما الأخرى}: لئلا يكون المعنى قاصراً على واحدة هي الناسية، والأخرى تذكرها.
قوله تعالى:{ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} أي لا يمتنع الشهداء إذا ما دعوا لتحمل الشهادة، أو أدائها؛ و {ما} هذه زائدة لوقوعها بعد {إذا}؛ وفيها بيت مشهور يقول فيه:
(يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة) واستعمالات «ما» عشر؛ هي كما جاءت في بيت من الشعر: