ولم يبين سبحانه وتعالى كيف القبض؛ فيرجع في ذلك إلى العرف؛ ومعناه: أن يكون الشيء في قبضة الإنسان، وتحت سيطرته.
قوله تعالى:{فإن أمن بعضكم بعضاً} أي اتخذه أميناً؛ بمعنى أنه وثق منه أن لا ينكر، ولا يبخس، ولا يغير؛ والجملة شرطية جوابها قوله تعالى:{فليؤد الذي اؤتمن أمانته}؛ والفاء في {فليؤد} رابطة لجواب الشرط؛ وهو قوله تعالى:{إن أمن ... }؛ وجاءت الفاء رابطة مع أن جواب الشرط فعل مضارع؛ لأنه مقترن بلام الأمر الدالة على الطلب؛ ومتى كانت الجملة الجزائية طلبية وجب اقترانها بالفاء؛ واللام هنا جاءت ساكنة لوقوعها بعد الفاء؛ ولام الأمر تقع ساكنة إذا وقعت بعد الفاء، أو الواو، أو «ثم»؛ بخلاف لام التعليل فإنها تكون مكسورة على كل حال؛ و {اؤتمن} فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله؛ و {أمانته} أي ما ائتمن عليه.
قوله تعالى:{وليتق الله ربه}؛ «يتق» مجزومة بحذف حرف العلة - وهو الياء؛ والكسرة دليل عليها - وهنا أردف الاسم الأعظم:{الله} بقوله تعالى: {ربه} تحذيراً من المخالفة؛ لأن «الرب» هو الخالق المالك المدبر؛ فاخشَ هذا الرب الذي هو إلهك أن تخالف تقواه.
قوله تعالى:{ولا تكتموا الشهادة}؛ {لا} ناهية؛ و «الكتمان» الإخفاء؛ و «الشهادة» ما شهد به الإنسان؛ أي لا تخفوا ما شهدتم به لا في أصله، ولا في وصفه؛ في أصله بأن ينكر الشهادة رأساً؛ وفي وصفه بأن يزيد فيها، أو ينقص.