للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {ومن يكتمها فإنه آثم قلبه} أي من يخفيها أصلاً، أو وصفاً، فقد وقع قلبه في الإثم؛ وإنما أضاف الإثم إلى القلب؛ لأن الشهادة أمر خفيّ؛ فالإنسان قد يكتمها، ولا يُعْلَم بها؛ فالأمر هنا راجع إلى القلب؛ ولأن القلب عليه مدار الصلاح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله؛ وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب» (١).

قوله تعالى: {والله بما تعملون عليم}؛ «ما» هذه موصولة تفيد العموم، وتشمل كل ما يعمله الإنسان من خير أو شر في القلب، أو في الجوارح؛ وقَدّم {بما تعملون} على متعلّقها لقوة التحذير، وشدته؛ فكأنه حصر علمه فيما نعمل؛ فيكون هذا أشد في بيان إحاطته بما نعمل؛ فيتضمن قوة التحذير؛ وليس مقتضاه حصر العلم على ما نعمل فقط.

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: أنه إذا لم يجد كاتباً في السفر فإنه يوثق الحق بالرهن المقبوض.

٢ - ومنها: عناية الله عز وجل بحفظ أموال عباده؛ يعني أنه سبحانه وتعالى ذكر حتى هذه الصورة: أن الإنسان إذا داين غيره، ولم يجد كاتباً فإنه يرتهن رهناً حفظاً لماله، وخوفاً من النزاع، والشقاق في المستقبل.

٣ - ومنها: جواز الرهن؛ لقوله تعالى: {فرهان}؛ ولكن


(١) سبق تخريجه ٢/ ٢٥.