كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم} [لقمان: ٧]، وكقوله تعالى:{وقالوا سمعنا وعصينا}[البقرة: ٩٣]؛ وهذا أعظم جرماً من الأول.
القسم الثالث: من يسمع، ويطيع؛ وهؤلاء هم المؤمنون الذين قالوا سمعنا وأطعنا، وقال الله سبحانه وتعالى فيهم:{ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}[الأحزاب: ٧١].
١٢ - ومن فوائد الآية: أن كل أحد محتاج إلى مغفرة الله؛ لقوله تعالى:{غفرانك}؛ فكل إنسان محتاج إلى مغفرة - حتى النبي صلى الله عليه وسلم محتاج إلى مغفرة؛ ولهذا لما قال صلى الله عليه وسلم:«لن يُدخل الجنة أحداً عملُه قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة»(١)؛ وقال الله سبحانه وتعالى:{إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}[الفتح: ١، ٢]، وقال تعالى:{فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}[محمد: ١٩]؛ واعلم أن الإنسان قد يكون بعد الذنب أعلى مقاماً منه قبل الذنب؛ لأنه قبل الذنب قد يكون مستمرئاً للحال التي كان عليها، وماشياً على ما هو عليه معتقداً أنه كامل، وأن ليس عليه ذنوب؛ فإذا أذنب، وأحس بذنبه رجع إلى الله، وأناب إليه، وأخبت إليه، فيزداد إيماناً، ويزداد مقاماً - يرتفع مقامه عند الله عز وجل؛ ولهذا قال الله تعالى في آدم:{وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه}[طه: ١٢١، ١٢٢]- فجعل الاجتباء بعد هذه المعصية - {فتاب عليه وهدى}[طه: ١٢٢]؛
(١) أخرجه مسلم ص ١١٦٩، كتاب صفات المنافقين، باب ١٧: لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى، حديث رقم ٧١٢٢ [٧٨] ٢٨١٨.