وفريقاً تقتلون"؟! والجواب عن هذا أن القتل أشد من التكذيب؛ فعبر عنه بالمضارع المستمر إلى آخر الرسل ..
فإن قيل: كيف يصح قول الزهري: إن النبي صلى الله عليه وسلم مات شهيداً؛ لأن اليهود كانوا سبباً في قتله، وقد قال الله تعالى:{والله يعصمك من الناس}؟
فالجواب: المراد بقوله تعالى: {يعصمك من الناس}: حال التبليغ؛ أي بلغ وأنت في حال تبليغك معصوم، ولهذا لم يعتد عليه أحد أبداً في حال تبليغه، فقتله ..
قوله تعالى:{وقالوا} أي بنو إسرائيل معتذرين عن ردهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ {قلوبنا غلف} جمع أغلف؛ و"الأغلف" هو الذي عليه غلاف يمنع من وصول الحق إليه. يعني مغلفة لا تصل إليها دعوة الرسل؛ وهذه حجة باطلة؛ ولهذا قال تعالى:{بل لعنهم الله بكفرهم}؛ و {بل} للإضراب الإبطالي. أي أن الله تعالى أبطل حجتهم هذه، وبيَّن أنه تعالى:{لعنهم}. أي طردهم، وأبعدهم عن رحمته؛ {بكفرهم} أي بسبب كفرهم، حيث اختاروا الكفر على الإيمان؛ و "كُفْر" مصدر مضاف إلى فاعله؛ ولم يذكر مفعوله ليعم الكفرَ بكل ما يجب الإيمان به ..
قوله تعالى:{فقليلاً ما يؤمنون} أي قليلاً إيمانهم؛ وعلى هذا تكون {ما} إما مصدرية؛ وإما زائدة لتوكيد القلة؛ وهل المراد بالقلة العدم، أو هي على ظاهرها؟ المعنى الأول أقرب؛ لأن الظاهر من حالهم عدم الإيمان بالكلية؛ ولا يمتنع أن يراد بالقلة العدم إذا دلت عليه القرائن الحالية، أو اللفظية ..