أحسن ــ يعني: أن من أوتي الكتاب، وصار على هذا الوصف ــ يتلوه حق تلاوته ــ فهو الذي يؤمن به ــ.
وقوله تعالى:{آتيناهم الكتاب} أي أعطيناهم الكتاب؛ والإيتاء هنا إيتاء شرعي، وكوني؛ لأن الله تعالى قدر أن يعطيهم الكتاب، فأعطاهم إياه؛ وهو أيضاً إيتاء شرعي؛ لأنه فيه الشرائع، والبيان؛ والمراد بمن آتاهم الكتاب: إما هذه الأمة؛ أو هي، وغيرها؛ وهذا هو الأرجح ــ أنه شامل لكل من آتاه الله الكتاب ــ؛ و {الكتاب} المراد به الجنس؛ فيشمل القرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وغيرها من كتب الله عزّ وجلّ.
قوله تعالى:{يتلونه حق تلاوته}؛ «التلاوة» تطلق على تلاوة اللفظ ــ وهي القراءة ــ؛ وعلى تلاوة المعنى وهي التفسير ــ؛ وعلى تلاوة الحكم ــ وهي الاتِّباع ــ؛ هذه المعاني الثلاثة للتلاوة داخلة في قوله تعالى:{يتلونه حق تلاوته}؛ فـ «التلاوة اللفظية» قراءة القرآن باللفظ الذي يجب أن يكون عليه معرباً كما جاء لا يغير؛ و «التلاوة المعنوية» أن يفسره على ما أراد الله؛ ونحن نعلم مراد الله بهذا القرآن؛ لأنه جاء باللغة العربية، كما قال لله تعالى:{بلسان عربي مبين}[الشعراء: ١٩٥]؛ وهذا المعنى في اللغة العربية هو ما يقتضيه هذا اللفظ؛ فنكون بذلك قد علمنا معنى كلام الله عزّ وجلّ؛ و «تلاوة الحكم» امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وتصديق الأخبار.
وقوله تعالى:{حق تلاوته} هذا من باب إضافة الوصف إلى موصوفه ــ يعني: التلاوة الحق ــ؛ أي التلاوة الجِد، والثبات، وعدم الانحراف يميناً، أو شمالاً؛ وهو من حيث الإعراب: مفعول مطلق؛