الخاصة؛ فالربوبية بإزاء العبودية؛ فكما أن العبودية نوعان ــ خاصة، وعامة ــ فالربوبية أيضاً نوعان: خاصة، وعامة؛ وقد اجتمعا في قول السحرة:{آمنا برب العالمين}[الأعراف: ١٢١]: هذه عامة؛ {رب موسى وهارون}[الشعراء: ٤٨]: هذه خاصة؛ ولا شك أن ربوبية الله سبحانه وتعالى للرسل ــ ولا سيما أولو العزم منهم؛ وهم نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام ــ أخص الربوبيات.
قوله تعالى:{بكلمات}؛ هذه الكلمات ــ التي هي محل الابتلاء، والاختبار ــ أطلقها الله سبحانه وتعالى؛ فهي كلمات كونية؛ وشرعية؛ أو جامعة بينهما؛ واختلف المفسرون في هذه الكلمات؛ وأصح الأقوال فيها أن كل ما أمره به شرعاً، أو قضاه عليه قدراً، فهو كلمات؛ فمن ذلك أنه ابتُلي بالأمر بذبح ابنه، فامتثل؛ لكن الله سبحانه وتعالى رفع ذلك عنه حين استسلم لربه؛ وهذا من الكلمات الشرعية؛ وهذا امتحان من أعظم الامتحانات؛ ومن ذلك أن الله امتحنه بأن أوقدت له النار، وأُلقي فيها؛ وهذا من الكلمات الكونية؛ وصبر، واحتسب؛ فأنجاه الله منها، وقال تعالى:{يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم}[الأنبياء: ٦٩]؛ وكل ما قدره الله عليه مما يحتاج إلى صبر، ومصابرة، أو أمره به فهو داخل في قوله تعالى:{بكلمات}.
قوله تعالى:{إني جاعلك} أي مصيرك؛ وهي تنصب مفعولين؛ لأنها مشتقة من «جعل» التي بمعنى «صيّر»؛ والمفعول الأول: الكاف التي في محل جر بالإضافة؛ والمفعول الثاني:{إماماً}.
وقوله تعالى:{للناس إماماً} عامة فيمن أتى بعده: فإنه