للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صار إماماً حتى لخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين} [النحل: ١٢٣]؛ و «الإمام» مَن يُقتدى به سواء في الخير، أو في الشر؛ لكن لا ريب أن المراد هنا إمامة الخير.

فإذا قال قائل: أرُونا دليلاً على أن الإمامة في الشر تسمى إمامة؟ قلنا: قوله تعالى: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون} [القصص: ٤١]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» (١)؛ وهذا لأنه إمام.

قوله تعالى: {ومن ذريتي} أي واجعل من ذريتي إماماً؛ وهنا {مِن} يحتمل أنها لبيان الجنس؛ وبناءً على ذلك تصلح {ذريتي} لجميع الذرية؛ يعني: واجعل ذريتي كلهم أئمة؛ ويحتمل أنها للتبعيض؛ وعليه فيكون المقصود: اجعل بعض الذرية إماماً؛ والكلام يحتمل هذا، وهذا؛ ولكن سواء قلنا؛ إنها لبيان الجنس؛ أو للتبعيض؛ فالله تعالى أعطاه ذلك مقيداً، فقال تعالى: {لا ينال} أي لا يصيب {عهدي} أي تعهدي لك بهذا {الظالمين}؛ و {عهدي} فاعل؛ و {الظالمين} مفعول به؛ أي أجعل من ذريتك إماماً؛ ولكن الظالم من ذريتك لا يدخل في ذلك.

الفوائد:

١ ــ من فوائد الآية: أن الله قد يبتلي بعض العباد بتكليفات خاصة؛ لقوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه) وكما أنه يبتلي


(١) أخرجه مسلم ص ٨٣٨، كتاب الزكاة، باب ٢٠: الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ... ، حديث رقم ٢٣٥١ [٦٩] ١٠١٧.