للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمرات؛ الصفا، والمروة ... إلخ؛ وعلى الإطلاق الثاني الخاص يكون المراد الحجر المعين الذي قام عليه إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليرفع قواعد البيت؛ وهو هذا المقام المشهور المعروف للجميع.

وقوله: {مصلًّى} مفعول أول لـ {اتخذوا} منصوب بالفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر؛ والتنوين الذي فيه عوض عن الألف المحذوفة؛ والمفعول الثاني: هو الجار والمجرور المقدم؛ و «المصلى» مكان الصلاة؛ وهل المراد بالصلاة الصلاة اللغوية؛ أو الصلاة الشرعية المعروفة؟ يحتمل هذا، وهذا؛ فإن قلنا بالأول شمل جميع مناسك الحج؛ لأنها كلها محل للدعاء؛ وإن قلنا بالثاني اختص بالركعتين بعد الطواف خلف المقام؛ ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من طوافه تقدم إلى مقام إبراهيم، وقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، وصلى ركعتين (١)؛ والقول بالعموم أشمل؛ ويجاب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه فسر المعنى ببعض أفراده؛ وهذا لا يقتضي التخصيص عند أهل التحقيق من الأصوليين.

قوله تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم}؛ «العهد» الوصية بما هو هام؛ وليست مجرد الوصية؛ بل لا تكون عهداً إلا إذا كان الأمر هاماً؛ ومنه عهْد أبي بكر بالخلافة إلى عمر؛ ومعلوم أن أهم ما يكون من أمور المسلمين العامة الخلافة.

قوله تعالى: {وإسماعيل}: هو ابن إبراهيم؛ وهو أبو العرب؛ وهو الذبيح على القول الصحيح؛ يعني: هو الذي أمر الله


(١) راجع مسلماً ص ٨٨٠ - ٨٨١، كتاب الحج، باب ١٩: حجة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٢٩٥٠ [١٤٧] ١٢١٨.