إبراهيم أن يذبحه؛ وهو الذي قال لأبيه:{يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}[الصافات: ١٠٢]؛ وقول من قال:«إنه إسحاق» بعيد؛ وقد قال بعض أهل العلم: إن هذا منقول عن بني إسرائيل: لأن بني إسرائيل يودون أن الذبيح إسحاق؛ لأنه أبوهم دون إسماعيل؛ لأنه أبو العرب عمهم؛ ولكن من تأمل آيات «الصافات» تبين له ضعف هذا القول.
قوله تعالى:{أن طهرا بيتي}؛ {أنْ} تفسيرية؛ لأنّ {عهدنا} فيه معنى القول دون حروفه؛ أي أنّ العهد هو قوله تعالى:{طهرا بيتي ... }؛ و {طهرا} فعل أمر؛ و {بيتي} المراد به الكعبة؛ وأضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه إضافة تشريف؛ والمراد تطهير البيت من الأرجاس الحسية والمعنوية.
قوله تعالى:{للطائفين} أي للذين يطوفون بالبيت؛ فاللام هذه للتعليل ــ أي لأجلهم ــ؛ والثاني:{العاكفين} أي الذين يقيمون فيه للعبادة؛ والثالث:{الركع السجود} أي الذين يصلون فيه؛ وعبر عن الصلاة بالركوع، والسجود؛ لأنهما ركنان فيها؛ فإذا أطلق جزء العبادة عليها كان ذلك دليلاً على أن هذا الجزء ركن فيها لا تصح بدونه؛ و {الركع} جمع راكع؛ و {السجود} جمع ساجد؛ وهنا بدأ بـ {الطائفين}؛ لأن عبادتهم خاصة بهذا المسجد؛ ثم بـ {العاكفين}؛ لأن عبادتهم خاصة بالمساجد؛ لكنها أعم من الطائفين؛ وثلّث بـ {الركع السجود}؛ لأن ذلك يصح بكل مكان بالأرض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»(١)؛ فإذاً يكون الله سبحانه وتعالى بدأ بالأخص فالأخص.