للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه؛ لأن البلد نفسه لا يوصف بالأمن، والخوف؛ «البلد» أرض، وبناء؛ وإنما الذي يكون آمناً: أهلُه؛ أما هو فيكون أمْناً؛ والذي ينبغي هو أن يبقى على ظاهره، وأن يكون البلد نفسه آمناً؛ وإذا أمِنَ البلد أمِن مَن فيه ــ وهو أبلغ ــ؛ لأنه مثلاً لو جاء أحد، وهدم البناء ما كان البناء آمناً، وصار البناء عرضة لأن يتسلط عليه من يُتلفه؛ فكون البلد آمناً أبلغ من أن نفسره بـ «آمناً أهله»؛ لأنه يشمل البلد، ومن فيه؛ ولهذا قال تعالى: {وارزق أهله}؛ لأن البلد لا يرزق.

قوله تعالى: {ارزق} فعل دعاء؛ ومعناه: أعطِ؛ و {أهله} مفعول أول؛ و {من الثمرات} مفعول ثانٍ؛ و {من آمن بالله واليوم الآخر} بدل من قوله: {أهله} ــ بدل بعض من كل ــ؛ و «الإيمان» في اللغة: التصديق؛ وفي الشرع: التصديق المستلزم للقبول، والإذعان؛ والإيمان بالله يتضمن الإيمان بوجوده، وربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته؛ و {اليوم الآخر} هو يوم القيامة؛ وسمي آخراً؛ لأنه لا يوم بعده؛ وسبق بيان ذلك.

قوله تعالى: {قال ومن كفر}؛ القائل هو الله سبحانه وتعالى؛ فأجاب الله تعالى دعاءه؛ يعني: وأرزق من كفر أيضاً؛ فهي معطوفة على قوله تعالى: {من آمن}؛ ولكنه تعالى قال في الكافر: {فأمتعه قليلاً .. } إلخ.

قوله تعالى: {فأمتعه} فيها قراءتان؛ الأولى بفتح الميم، وتشديد التاء؛ والثانية بإسكان الميم، وتخفيف التاء؛ و «الإمتاع» و «التمتيع» معناهما واحد؛ وهو أن يعطيه ما يتمتع به؛ و «المتعة»: البلغة التي تلائم الإنسان.