للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجواب: أن نقول بحسب ما يظهر لنا ــ والعلم عند الله: إن هناك حكمة لفظية، وحكمة معنوية.

الحكمة اللفظية: لئلا تتكرر المعاني بلفظ واحد؛ لو قال: «ما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وما أنزل إلى موسى ... وما أنزل إلى النبيين» تكررت أربع مرات؛ ومعلوم أن من أساليب البلاغة الاختصار في تكرار الألفاظ بقدر الإمكان.

أما الحكمة المعنوية: فلأن موسى وعيسى دينهما باقٍ إلى زمن الوحي، وكان أتباعهما يفتخرون بما أوتوا من الآيات؛ فالنصارى يقولون: عيسى بن مريم يُحيي الموتى، ويفعل كذا، ويفعل كذا؛ وهؤلاء يقولون: إن موسى فلق الله له البحر، وأنجاه، وأغرق عدوه، وما أشبه ذلك؛ فبين الله سبحانه وتعالى في هذا أن هذه الأمة تؤمن بما أوتوا من وحي وآيات.

قوله تعالى: {وما أوتي النبيون من ربهم} من باب عطف العام على الخاص؛ والمراد بما أوتوه: ما أظهره الله على أيديهم من الآيات الكونية، وما أوحاه إليهم من الآيات الشرعية؛ و {من ربهم}: {من} للابتداء؛ لأن هذا الإيتاء من الله؛ وإضافة الربوبية إليهم على وجه الخصوص؛ وإلا فالله سبحانه وتعالى رب كل شيء؛ لكن هذه ربوبية خاصة.

قوله تعالى: {لا نفرق بين أحد منهم} هذه الجملة داخلة في مقول القول؛ يعني: قولوا آمنا على هذا الوجه؛ {لا نفرق بين أحد منهم} أي في الإيمان؛ وليس في الاتّباع؛ والضمير في {منهم} يعود على الأنبياء.

قوله تعالى: {ونحن له مسلمون}؛ {له} الضمير يعود