للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولام التعليل: أن لام العاقبة تدخل على أمر غير مراد؛ لكن النتيجة آلت إليه؛ ولام التعليل تدخل على أمر مراد ليكون علة للحكم؛ و {شهداء} جمع شهيد؛ أي تشهدون على الناس بأن الرسل قد بلغتهم؛ فمنهم من آمن، ومنهم من كفر.

قوله تعالى: {ويكون الرسول عليكم شهيداً}: النبي صلى الله عليه وسلم يشهد على أمته بأنه بلغ البلاغ المبين.

قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها} وهي استقبال بيت المقدس {إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}: المراد علم ظهور، أو علم يترتب عليه الجزاء؛ لأن علم الله الكائن في الأزل لا يترتب عليه الجزاء حتى يُمتحن العبد، ويُنظر؛ أو علم ظهور ــ أي علم بأن الشيء حصل، فيعلمه أنه حاصل؛ وأما العلم به قبل وقوعه فهو علم بأنه سيحصل؛ وفرق بين العلم بالشيء أنه سيحصل، والعلم بأنه قد حصل؛ وقد قال بعض أهل المعاني: إن {لنعلم} هنا بمعنى الماضي ــ أي إلا لعلمنا؛ والمعنى: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لعلمنا من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه؛ وهذا ــ وإن كان له وجه من حيث اللفظ؛ وهو أن يعبر بالمضارع عن الماضي أحياناً ــ لكنه ضعيف هنا من حيث المعنى؛ إذ لا حكمة من ذلك؛ لأنه يكون معنى الآية: وما جعلنا هذا إلا لأننا قد علمنا من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه؛ وحينئذ يقال: إذاً ما الفائدة؟! لأنه لا يناسب أن الله ما جعل هذه القبلة إلا لأنه قد علم من يبقى على دينه، ومن لا يبقى؛ فالصواب الوجهان الأولان؛ وأحسنهما أن يكون المراد بالعلم هنا الذي يترتب عليه الجزاء؛ لأنه الواضح وليس فيه تكلف.

وذكر بعض المعربين أن «نعلم» هنا ضمن معنى «نميز» بدليل