للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {والذين آمنوا أشد حباً لله}؛ {الذين}: مبتدأ؛ و {أشد}: خبره؛ و {حباً}: تمييز؛ لأنها بعد أفعل تفضيل؛ و {أشد} اسم تفضيل يقتضي مفضلاً، ومفضلاً عليه؛ فالمفضل: حب الذين آمنوا لله؛ والمفضل عليه: إما حب هؤلاء لأصنامهم؛ فيكون المعنى: أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤلاء لأصنامهم؛ وإما أن المفضل عليه حب هؤلاء لله؛ فيكون المعنى: أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤلاء لله؛ وكلا الاحتمالين صحيح؛ أما الأول فلأن حب المؤمنين لله يكون في السراء، والضراء؛ وحب هؤلاء لأصنامهم في السراء فقط؛ وعند الضراء يلجؤون إلى الله عز وجل؛ فإذاً ليس حبهم الأصنام كحب المؤمنين لله عز وجل؛ ثم إن بعضهم يصرح، فيقول: «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى»؛ وأما الاحتمال الثاني في الآية فوجه التفضيل ظاهر؛ لأن حب المؤمنين لله خالص لا يشوبه شيء؛ وحب هؤلاء لله مشترك: يحبون الله، ويجعلون معه الأصنام نداً.

قوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب} فيها قراءات؛ أولاً: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يَرون العذاب} بياء الغيبة في {يرى}، وبفتح الياء في {يَرون}؛ ثانياً: {ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب} بتاء الخطاب في {ترى}، وبفتح الياء في {يَرون}؛ وبضمها: {يُرون}؛ فالقراءات إذاً ثلاث.

قوله تعالى: {الذين ظلموا}؛ الظلم في الأصل هو النقص؛ ومنه قوله تعالى: {كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً} [الكهف: ٣٣] أي لم تنقص؛ ولكنه يختلف بحسب السياق؛ فقوله تعالى: {الذين ظلموا} هنا: أي الذين نقصوا الله حقه، حيث جعلوا له أنداداً؛ وهم أيضاً ظلموا أنفسهم - أي نقصوها