للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [البقرة: ٢٦١]؛ وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن الله تعالى يأخذها بيمنيه، فيربيها، كما يربي الإنسان فلوه حتى تكون مثل الجبل» (١).

قوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}؛ {إذا} هنا مجردة من الشرطية؛ فهي ظرفية محضة - يعني: الموفون بعهدهم وقت العهد؛ أي في الحال التي يعاهدون فيها؛ فإذا عاهدوا وفوا.

قوله تعالى: {والصابرين}: فيه إشكال من حيث الإعراب؛ لأن الذي قبله مرفوع؛ وهو غير مرفوع؛ يقول بعض العلماء؛ إنه منصوب بفعل محذوف، والتقدير: وأخص الصابرين؛ والبلاغة من هذا أنه إذا تغير أسلوب الكلام كان ذلك أدعى للانتباه؛ فإن الإنسان إذا قرأ الكلام على نسق واحد لم يحصل له انتباه، كما يحصل عند تغير السياق.

و «الصبر» ليس بذل شيء؛ ولكنه تحمل شيء؛ وما سبق كله بذل شيء؛ فهو مختلف من حيث النوع: {من آمن ... وأقام ... وآتى ... } كل هذه أفعال؛ لكن {الصابرين} ليس فعلاً؛ ولكنه تحمُّل.

و «الصبر» في اللغة الحبس؛ ومنه قولهم: فلان قُتل صبراً


(١) أخرجه البخاري ص ١١١، كتاب الزكاة، باب ٨: الصدقة من كسب طيب ... ، حديث رقم ١٤١٠، وأخرجه مسلم ص ٨٣٨، كتاب الزكاة، باب ١٩: قبول الصدقة من الكسب الطيب، حديث رقم ٢٣٤٣ [٦٤] ١٠١٤.